يوميات أمل مكارم في «فردوس جهنمي»
[caption align="aligncenter"]يوميات أمل مكارم في «فردوس جهنمي»[/caption]عندما وقعت الحرب الأهلية في لبنان، كانت أمل مكارم صبية في بداية العشرينات. تلقّت مشاهد الحرب كصدمة أولى في حياتها. لم تكن قادرة أن تُعبر عن صدمتها إزاء هذا الحدث بغير الكتابة. دوّنت يوميات السنتين الأوليين (1975-1976)، لكنّها لم تنشرها إلا بعد مرور أربعين عاماً. تحمل هذه اليوميات قصة تشبه قصة الوطن التي كُتبت فيه. بعض الأوراق تمزق، وبعضها الآخر ضاع، إلى أن وجدت قسماً منها في علبة أحذية قديمة. تصف مكارم الحرب بعين إنسانية، لا تميّز فيها سوى الحق عن الباطل، وهي المعروفة بمناصرة حقوق الإنسان ونشاطها القديم في هذا المجال، هي التي ترأست إدارة الملحق القضائي الصادر عن دار النهار اللبنانية ”حقوق الناس” من عام 1994 حتى 1999. تفتتح مكارم كتابها ”فردوس جهنمي- يوميات” يقف العمل عند مشاهدات شابة ليوميات حرب راح ضحيتها آلاف الأبرياء، حرب هي «الانفجار الطائفي الأول من نوعه في التاريخ المعاصر للمجتمعات العربية»، تماماً كما يذهب الضحايا في دول عربية أخرى نتيجة تسلّط أنظمة وقيام نظام أصولي متشدد من جهة أخرى. وفي التمهيد تكتب مكارم عن ظروف كتابة هذه اليوميات قائلة: ”كتبت بداية لأتمكن من التنفس. لأصدق ما لا يصدق، لأحاول ترقيع التمزق الذي حصل. كتبت لأقاوم، ثم واصلت الكاتبة لأصمد”. لكنّ قراءة اليوميات تُثبت أنّ الكتاب لا يقف عند حدود النزعة الذاتية للمؤلفة، بل إنه يعرض مشاهدات حية للحرب، بكل ما تحمله من قصص ومآسٍ. على عكس المسار المتوقّع، تنطلق مكارم في يومياتها من باريس إلى بيروت. في 13 نيسان/أبريل تندلع شرارة الحرب الأهلية، تتابعها من بعيد، تترك انطباعاتها الأولى مكتوبة. تروي قصة القذيفة التي سبّبت فجوة في صالون أصدقائهم في منطقة الشياح. تعلو وتيرة الحرب، ومعها نبرة الكاتبة التي تعود إلى بيروت في حزيران/يونيو 1975 لتكون شاهدة حية على حرب خرافية عاشها اللبنانيون خمسة عشر عاماً، لتنتهي أخيراً بلا منتصر أو مهزوم. إنها السياسة. «السياسة لا دين لها» كما كانت تسمع من جدّتها، قبل الحرب وبعدها. يوميات أمل مكارم الصادرة حديثاُ باللغة الفرنسية إنما هي ذاكرة الحرب اللبنانية التي حولّت فردوس لبنان إلى حجيم.
]]>