يوم بكت فايزة أحمد بسبب أجرها في مهرجان قرطاج
كشف الباحث الأكاديمي التونسي علي بن العربي في كتابه الجديد عن حادثة غير معروفة عاشها كشاهد عندما كان مساعداً لمدير مهرجان قرطاج الدّولي في الفترة الممتدة من 1973 إلى 1978 ورافق فيها الفنّانة فايزة أحمد بمناسبة مشاركتها في دورة من دورات مهرجان قرطاج وحفلة أخرى في مدينة “طبرقة”.
فايزة أحمد متعاليّة ومشاكسة
وفي الكتاب الذي أصدره عن دار سحر تحت عنوان: “سياسات الثقافة التي نريد”: سبعون سنة من تأمّلات وتصوّرات أجيال المثقّفين (1946-2016)، ذكر علي بن العربي أنّ حفلها في مهرجان قرطاج كان ناجحاً جداً وكانت مرفوقة في حفلاتها في تونس بالرّاقصة المصريّة سهير زكي، مؤكّداً أنّ المرحومة كانت في عنفوان نجاحها وقد تزوّجت الملحن المصري الكبير اللطيف جداً محمد سلطان الذي لحن لها ألحاناً جميلة جداً وكان بصفته زوجها وملحنها يرافقها في قرطاج وطبرقة والحفلات الاخرى، وكان الأستاذ صلاح عرام قائد الاوركسترا الذي كان يصاحبها من أكبر المشهورين.
وأشار المؤلّف في الفصل الثالث من كتابه: “أنّه بقدر ما كانت الفنّانة فايزة أحمد أنيقة ومتألّقة خلقاً وأخلاقاً كن لها القدرة الكبيرة فنيّاً على إسعاد الجماهير بفنّها وإدخال البهجة عليه بقدر ما كانت بشهادة مرافقيها متعاليّة ومشاكسة ومنفعلة خارج المسرح”، مضيفاً :ولا أنسى بأي حدّة وكبرياء واستهزاء تعاملها مع الراقصة اللطيفة سهير زكي”.
خلاف مع الرّاقصة
وروى علي بن العربي أنّه رافق الفنّانة فايزة أحمد إلى مدينة “طبرقة “بالشمال الغربي لتونس بمناسبة إقامتها حفلاً في تلك المدينة قائلا: “لمّا وصلنا الى مدينة طبرقة وبعد الاستراحة بالفندق وقع خلاف بين فايزة أحمد وسهير زكي حول الظهور الأول على المسرح، فاقترحت سهير زكي أن تكون هي الأولى فما كان من أحمد إلا أن نهرتها وركلتها بساقها حتى أسقطتها أرضا ولمّا تدخّل منظّم الحفلة دفعته فايزة حتى سقط أرضاً فبكت سهير زكي عندما سمعت فايزة أحمد تكيل لها الشتائم وتنعتها ب”الرقّاصة”، وحينها لامها زوجها محمد سلطان على قبح ما فعلته بالراقصة.
بكت فايزة أحمد وصاحت “يا خرابي !”
ويسرد المؤلف ما حصل بعد ذلك قائلاً: “وبعد إنتهاء الحفل عند الواحدة فجراً طلبت منّي فايزة أحمد أن نعود مباشرة الى تونس العاصمة، لأنها تريد مقابلة وزير الثقافة السيد الشاذلي القليبي، فاستفسرتها عن المشكلة فأجابتني بأن الموضوع يهم طريقة خلاص أجرتها فأجبتها أن أجرتها ستحوّل الى حسابها بالقاهرة مباشرة من البنك المركزي يوم غد صباحاً وفقا لما هو منصوص عليه بالعقد الذي وقعته، فبكت وقالت: “يا خرابي” أنتم تريدون أن تستولي إدارة الأداء المصريّة على كل أجرتي،ويتابع: “ففهمت وقتها ما يخيفها وسألتها ماذا تقترحين؟ فأجابت أريد المال نقداً هنا في تونس بالدولار”، فأجبتها أني أخشى أن يكون الأمر غير ممكن ووصلنا تونس العاصمة في السابعة صباحاً واتجهت الى الفندق في الضواحي الشمالية لتونس العاصمة فقالت أريد الذهاب مباشرة الى الوزارة، فقلت لها إن الوزير لم يصل بعد فأجابتني: “معليش سأنتظر حتى يشرّف “فاستأذنتها واتجهت الى الهاتف لإخبار مدير المهرجان السيّد عبد الرحمن العامري الذي طلب مني أن اثنيها عن الأمر وأن أعلمها أن الوزير لن يأتي اليوم الى الوزارة وله التزامات خارجها.
أمام مكتب الوزير
ويواصل علي بن العربي سرد تفاصيل ما حصل يومها قائلاً: “ولمّا أعلمتها بالأمر غادرت الفندق جارية وأوقفت تاكسي وهرعت الى الوزارة فلحقتها مع محمد سلطان وصلاح عرام في السيارة وعند وصولنا الى الوزارة كان خوفنا شديداً عندما أعلمنا مساعد الوزير أن السيدة فايزة أحمد قد وصلت على متن تاكسي وهي تريد مقابلة الوزير حالاً، وسألني ماذا أفعل فأذنت بأن يسمح لها بالدخول.
أصرّت على دخول مكتب الوزير وصارت تصيح وتبكي وبعد جهد كبير وحتى لا تعترض الوزير الذي قرب موكبه تم احضار المكلف بالشؤون المالية في إدارة المهرجان مصحوباً بملف الفنانة وحاول اقناعها بأنه يحتاج في حالة تغيير مسار الدفع الى إذن من البنك المركزي لخلاصها نقداً وهذا يتطلب وقتاً، وطلب منها تمضية هذا الوقت في الفندق لكنها أصرّت على البقاء في الوزارة، تفطن الوزير الى الأمر أو أن هناك من أبلغه فطلب حال وصوله مدير المهرجان عبد الرحمن العامري، واستفسره عن الأمر فاتصل بمحافظ البنك المركزي واتفق معه على اعطائها مستحاقاتها بالدولار مباشرة في تونس وتمت الاجراءات، وحصلت على اجرتها بالدولار وعادت إلى الفندق مع زوجها محمد سلطان.