تونس: المحاصصة الحزبية تطل برأسها مجددا في تعيينات حكومية جديدة
تونس – «القدس العربي» : أثارت التعيينات الجديدة التي أجراها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد على سلط المعتمدين (مدراء المناطق) موجة من الانتقادات لدى عدد كبير من السياسيين، حيث اعتبر البعض أنها قائمة على المحاصصة الحزبية، فيما تحدث آخرون عن «تدني» المستوى التعليمي للمعتمدين الجدد، وطالبوا الشاهد بالكشف عن المعايير المعتمدة في تعيينهم.
وكان الشاهد قرر قبل أيام إجراء حركة واسعة في سلك المعتمدين شملت جميع الولايات التونسية (24 ولاية)، حيث تم تعيين 114 معتمدا (من أصل 272) بينهم 11 معتمدة، وهي المرة التي يتم فيها تعيين نساء في هذا المنصب، وهو ما يعتبره البعض ترجمة فعلية لخطاب الشاهد المتعلق بتوسيع مشاركة المرأة في صناعة القرار، بعد منحه حقائب (وزيرات وكاتبات دولة) لثماني نساء في حكومته الجديدة.
وأثار القرار موجة انتقادات من قبل عدد من السياسيين (من الحزب الحاكم والمعارضة)، حيث كتبت النائبة عن حزب «نداء تونس» صابرين القوبنطيني على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «كنت لا أحبذ أن طرح هذا السؤال، لكن لا بد لرئاسة الحكومة أن توضح: ماهي المعايير التي يتم على اساسها تعيين أو عزل أو ترقية أو نقلة أو تثبيت معتمد؟ ما نراه (في التعيينات الأخيرة) غريب جدا، ولا علاقة له بالموضوعية أو بالكفاءة أو بالقدرة على تولي المنصب»، وأضاف النائب والقيادي في حركة «مشروع تونس» حسونة الناصفي «ما يثير الانتباه في حركة المعتمدين الأخيرة هو تعيين معتمد في معتمدية هامة جدا مستواه العلمي أقل من بكالوريا».
وأشارت مصادر إعلامية إلى أن حزب «نداء تونس» يستأثر بحصة الأسد في التعيينات الجديدة (34 معتمدا) تليه حركة «النهضة» (27 معتمدا) وحزب «آفاق تونس (10 معتمدين)، فضلا عن أحزاب أخرى مرتبطة بالحكومة ك»الجمهوري» و»المسار الديمقراطي» و»المبادرة الدستورية».
وكتب القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» هشام العجبوني «الفصل 7 من المرسوم عدد 87 المتعلّق بتنظيم الأحزاب السياسية، ينصّ على أنه لا يجوز الانخراط في حزب سياسي بالنسبة إلى العسكريين المباشرين والمدنيين مدة قيامهم بواجبهم العسكري، والقضاة، والولاة والمعتمدين الأول والكتاب العامين للولايات والمعتمدين والعمد (…) وبالتالي التعيينات الأخيرة التي أجراها رئيس الحكومة يوسف الشّاهد والتي اعتمدت على المحاصصة الحزبيّة، أي على تعيين معتمدين منخرطين في الأحزاب المشكّلة للحكومة، هي خرق واضح للمرسوم عدد 87!».
فيما أشارت مصادر إعلامية إلى اندلاع احتجاجات في مدينة «نفطة» التابعة لولاية «توزر» (جنوب غرب) إثر قرار عزل معتمد المدينة والذي يحظى بشعبية كبيرة، حيث تجمع المحتجون أمام مقر المعتدية، مطالبين رئيس الحكومة بإعادة المعتمد السابق، والذي أكدوا أنه مستقل ولا علاقة له بالأحزاب، ووصفوا قرار تعويضه بمعتمد جديد ب»الجائر».
في حين اعتبر نائب رئيس حركة النهضة علي العريض أن التعديل الأخير في سلك المعتمدين هو «تغيير دوري وعادي ويقوم به وزير الداخلية بالتشاور مع رئيس الحكومة»، كما أكد رئيس حزب «آفاق تونس» أن حزبه قدم أفضل الكفاءات القادرة على تولي منصب معتمد، مشيرا إلى أن عدد المعتمدين التابعين للحزب في البلاد يبلغ 12 معتمدا بينهم 10 تم تعيينهم في التعديل الأخير.
يذكر أن الشاهد أجرى قبل أشهر تعديلا جزئيا في سلك الولاة (المحافظين)، أثار أيضا انتقادات كبيرة من قبل عدد من السياسيين، من بينهم بعض قياديي حركة النهضة، بسبب ما اعتبروه محاولة «نداء تونس» السيطرة على مفاصل الدولة.