سياسيون تونسيون يحذرون من تكرار السيناريو وآخرون يدعون لإعادة قراءة التاريخ السياسي للبلاد
تونس – «القدس العربي»: شكلت الذكرى الثلاثون لانقلاب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي (7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1987) مناسبة لدى عدد من السياسيين التونسيين للتحذير من «تكرار» هذا السيناريو، حيث اعتبر رئيس أحد الأحزاب المنسحبة من الحكومة أن «وثيقة قرطاج» تشبه البيان الذي ألقاء الرئيس السابق إثر توليه الحكم، فيما حذر أحد السياسيين من «7 نوفمبر جديدة» دون ذكر المزيد من التفاصيل، في حين طالب آخرون بإعادة قراءة التاريخ السياسي للبلاد لمنع تكرار انقلاب بن علي.
وشبه عصام الشابّي أمين عام الحزب «الجمهوري» وثيقة قرطاج التي أفضت لتشكيل حكومة الوحخدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد ب»بيان السابع من نوفمبر» الذي أعلن فيه الرئيس السابق زين العابدين بن عليه استلامه الحكم خلفا للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
تصريح الشابي جاء بعد ساعات من إعلانه انسحاب حزبه من حكومة يوسف الشاهد مبررا ذلك ب»استحالة العمل داخلها»، حيث حذر من «بروز علامات ردة سياسية تشكل خطرا وتهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد».
وأثار تصريح الشابي جدلا سياسيا، حيث اعتبر الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية مهدي بن غربية أنه «تشبيه غير الموفق»، مشيرا إلى أن الحزب الجمهوري ما زال ضمن الائتلاف الموقع على وثيقة قرطاج.
وجاء التصريح بعد أشهر من تصريح مماثل للوزير السابق عبيد البريكي حذر من خلاله من احتمال تحول وثيقة قرطاج إلى «بيان 7 نوفمبر جديد» في حال أخلّت حكومة يوسف الشاهد بما جاء في هذه الوثيقة.
وكتب محمود البارودي القيادي السابق في حزب «التحالف الديمقراطي» على صفحته في موقع «فيسبوك»: «أشتمُّ رائحة «7 نوفمبر» جديدة في القريب العاجل»، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وكان بن علي أعلن في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1987 استلامه الحكم بعد إزاحته لبورقيبة، مستندا إلى «تقرير طبي» قال إنه يؤكد عجزه عن متابعه مهامه كرئيس للجمهورية، واعتمد في ذلك على الفصل 57 من الدستور السابق، رغم أن الفصل المذكور يخول رئيس البرلمان فقط باستلام مهام رئيس الجمهورية بشكل مؤقت.
وكتب محمود المهيري المستشار السابق لبن علي «في نفس المكان، لم نغادر ولم نتراجع، بنفس القناعات، برغم كل شيء لم يتغير منا شيء، بنفس الوفاء وبنفس المحبة كما كنا ولازلنا، كل عام وتونس شامخة، كل عام وهو (بن علي) في منفاه والصادقين المؤمنين بخير».
وأضاف هشام عجبوبي القيادي في حزب «التيار الديمقراطي»: «لولا الثورة لاستفقنا اليوم على صور بن علي والأعلام البنفسجيّة المرفوعة في كلّ حانوت و إدارة وزنقة (…) ولكانت وسائل البروباغاندا النوفمبريّة تعدّد، سبعة ايام وسبعة ليالي، انجازات سيادته وعهده السّعيد و تحوّله المبارك! (عبارة تطلق عادة على انقلاب بن علي)، ولامتلأت الصفحات الأولى للصحف التونسية بصور سيادته وبتقديم الشكر والتهاني و الولاء لفخامته ولحرمه المصون سيّدة تونس الأولى! (…) الحمد لله على قيام الثّورة، رغم كل الصعوبات والانتكاسات ومحاولات إرجاعنا إلى مربّع البنفسجيّات!».
وكتبت الناشطة السياسية نزيهة رجيبة (أم زياد) «في مثل هذا اليوم من سنة 1987 صرح الباجي قائد السبسي سفيرنا في بون بأن إزاحة بورقيبة عن الحكم نظرا لتقدم سنه (84 سنة) شيء جيد بالنسبة الى مستقبل تونس!».
من جانب آخر، دعا بعض النشطاء إلى إعادة قراءة التاريخ السياسي للبلاد لمنع تكرار سيناريو انقلاب بن علي، حيث كتب الناشط ياسين العيّاري « شباب تونس في حاجة إلى إعادة قراءة تاريخ بلده لأنه لم ينطلق يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 كما أن العمل السياسي لم ينطلق مع تأسيس الحزب الدستوري الجديد سنة 193، فمن يعيد كتابة التاريخ ويعطي للأحداث التاريخية حق قدرها؟ أم أن كل حدث سيتحول إلى ذكرى فتسقط عنه هالة الأهمية ليتحسس بعدها طريقه بخطى ثقيلة داخل رفوف كتب التاريخ في انتظار من يعطيه حق قدره؟»، وأضاف ناشط آخر « ثلاثون سنة على بيان 7 نوفمبر 1987، ألا نحتاج إلى قراءة نقدية موضوعية، حتى لا يعيد التاريخ نفسه وتصبح وثيقة قرطاج 7 نوفمبر جديد؟».
ويتيح الفصل 83 من الدستور التونسي لرئيس الجمهورية تفويض سلطاته إلى رئيس الحكومة لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوما قابلة للتجديد مرة واحدة، إذا تعذّر عليه القيام بمهامه بشكل مؤقت، فيما ينص الفصل 84 على تولي رئيس البرلمان مهام رئيس الجمهورية بشكل مؤقت في فترة تتراوح بين خمسة وأربعون وتسعون يوما، في حال وفاة رئيس الجمهورية أو عجزه عن القيام بمهامه.