فوز ساحق لحزب ماكرون في الدور الأول من الانتخابات التشريعية
باريس «القدس العربي» : اكتسح حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام» نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، وبات من المؤكد أنه سينال الأغلبية البرلمانية خلال الدورة الثانية التي ستجرى الأحد المقبل.
وبات من الواضح أن الرئيس ماكرون كسب الرهان الذي سيمكنه من تنفيذ مشاريع قوانينه وإصلاحاته الاقتصادية التي كان وعد بها خلال حملة الانتخابات الرئاسية. وحسب النتائج النهائية، فإن حزب «الجمهورية إلى الأمام»، المتحالف مع الحزب الوسطي «موديم» قد حصل على 32 في المئة من الأصوات، وهو سيمكنه من الفوز بما بين 400 إلى 455 من المقاعد البرلمانية، وهو ما يعني أغلبية مطلقة فاقت كل التوقعات، وتتجاوز بكثير السقف المحدد المتمثل في 289 مقعدا من مجموع 577.
وحل حزب «الجمهوريون» ثانيا بنسبة 21 في المئة ما سيسمح له بالحصول على نحو 120 مقعدا. أما حزب اليمين المتطرف فقد حل ثالثا بحصوله على 14 في المئة، بينما حل حزب «فرنسا غير الخاضعة» ذو التوجه اليساري الراديكالي في المرتبة الرابعة بحصوله على11 في المئة. أما الحزب الاشتراكي، الذي كان يسيطر على البرلمان خلال ولاية الرئيس السابق فرانسوا أولاند، فقد مني بهزيمة تاريخية، بعدما لم يتجاوز عتبة 10 في المئة من الأصوات، وبالتالي فلن يتجاوز عدد المقاعد التي سيحصل عليها 40 مقعدا في أقصى تقدير، وبالتالي ستكون أسوأ نتيجة في تاريخ الحزب منذ تأسيسه قبل نحو نصف قرن. كما بلغت نسبة المشاركة في هذه الدورة نحو 40 في المئة، فيما كانت في الجولة نفسها من الانتخابات التشريعية لعام 2012، نحو 49 في المئة، أي بتراجع بنسبة تسع نقاط. وسجلت نسبة المشاركة في هذه الدورة أيضا رقما قياسيا، حيث كانت الأدنى والأضعف منذ 1958.
ويعزو مراقبون أسباب العزوف عن التصويت إلى عدم اكتراث الفرنسيين بالتشريعيات بشكل عام مقارنة بالانتخابات الرئاسية، وإلى الحملة الانتخابية الباهتة والفاترة للمرشحين. كما لاحظت استطلاعات الرأي أن عددا من المواطنين، كانوا قد عبروا عن مللهم من الحملات الانتخابية، وبتشابه الأحزاب في برامجها، خصوصا اليمين المحافظ وحزب إيمانويل ماكرون «الجمهورية إلى الأمام».
كما أن آلاف الفرنسيين آثروا الاستجمام والخروج للنزهة مع أبنائهم عوض الذهاب للتصويت، بحيث أن أحوال الطقس يوم الأحد كانت جيدة وعرفت فرنسا يوما مشمسا في أغلب مناطق البلاد. ويرى مراقبون أيضا أن حصول الرئيس ماكرون على غالبية رئاسية ساحقة أمام انهيار كامل لباقي الأحزاب وعدم وجود معارضة قوية، فإن البرلمان لن يلعب دوره في مراقبة أداء الحكومة، وهو ما قد يتمخض عنه ولادة معارضة بديلة يشكلها الشارع تتمثل في النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنون العاديون.
ويذكر أن الدورة الأولى شهدت مفاجآت كبيرة، ومن بينها إقصاء الأمين العام للحزب الاشتراكي، جان كريستوف كامباديلييس منذ الدور الأول على يد الوزير الشاب مرشح «الجمهورية إلى الأمام» منير محجوبي، وإقصاء كل من الوزراء السابقين: ماثيو فيكل، فرانسوا لامي، وباسكال بواستار، وأوريالي فيليبتي وكريستيان ايكرت. أما وزراء إيمانويل ماكرون الستة فقد تأهلوا للدورة الثانية، وتنفسوا الصعداء بعدما كان رئيس الحكومة إدوار فيليب أكد أن أي وزير لم ينجح في الانتخابات فسيكون مجبرا على مغادرة الحكومة. ومن جهة أخرى، تستعد رئيسة حزب «الجبهة الوطنية»، اليميني المتطرف، مارين لوبان للدخول تحت قبة البرلمان لأول مرة، بعد حصولها على 45 في المائة، في هينان بومون شمالي البلاد. أما الرجل الثاني في حزب اليمين المتطرف فلوريان فيليبو فقد تأهل للدور الثاني بنسبة 23 فقط في المائة، وستكون الجولة الثانية صعبة جدا بالنسبة له أمام مرشح من حزب ماكرون.
في حين أن نيكولا باي، وهو قيادي شاب في الجبهة الوطنية، فقد أقصي، من الدورالأول، رغم تحقيقه 21 في المائة.
وبالنسبة للحزب اليساري الراديكالي، الذي يتزعمه جان لوك ميلانشون، فقد حقق نتيجية ايجابية، وتمكن من إقصاء عدد من المرشحين من اليمين المحافظ ومن الحزب الاشتراكي. زعيم الحزب جان لوك ميلونشون، الذي تأهل للدورة الثانية، بعد إقصائه للمرشح الاشتراكي والنائب السابق، باتريك مينوتشي في مرسيليا جنوبي البلاد. يذكر أن أغلب الصحف الفرنسية وصفت الفوز الساحق لحزب ماكرون الذي لم يتجازو عمر عاما ونصف ، بأنه «زلزال» حقيقي، «دمر» أعرق حزبين تقليديين في البلاد، اليمين المحافظ والحزب الاشتراكي. لكن التحدي الكبير الذي ستواجهه الوجوه السياسية الجديدة التي تمثل حزب «الجمهورية إلى الأمام» هو قدرتها على إعادة الثقة للعمل السياسي بشكل عام، والقطع مع الممارسات السابقة خصوصا الفساد المالي، والمشاكل مع القضاء.
Share on FacebookClick to share on TwitterClick to share on Google+