قمة لمجموعة دول الساحل الأفريقي في النيجر تركز على استكمال التمويل
نواكشوط –« القدس العربي»: ركز رؤساء مجموعة دول الساحل الخمس جلسات قمتهم التي عقدوها أمس في نيامي عاصمة النيجر، على مسألة تمويل نشاطات القوة العسكرية المشتركة التابعة للمجموعة.
وأطلقت المجموعة قوتها العسكرية المشتركة مستهل السنة الماضية لمواجهة المجموعات الجهادية المسلحة في منطقة الساحل، ومن المنتظر أن تبدأ هذه القوة عملياتها خلال شهر مارس/آذار المقبل.
وبحث الرؤساء خلال قمتهم أمس طرق الحصول على التمويلات التكميلية اللازمة لانطلاقة قوية لعمليات القوة العسكرية التي سيتولاها خمسة آلاف جندي ينتمون لبلدان المجموعة الخمسة وهي موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو والتشاد.
وتحدثت مصادر إعلامية سنغالية أمس عن رغبة السنغال في الانضمام للمجموعة، وهو انضمام تدعمه فرنسا لكنه يواجه عرقلة بسبب فتور علاقات السنغال بموريتانيا التي يعود لرئيسها الفضل في مبادرة تأسيس مجموعة الساحل.
وحضر القمة رؤساء موريتانيا محمد ولد عبد العزيز، والبوركينابي كرستان كابوري، والتشادي إدريس دبي، والمالي إبراهيم كيتا والنيجري محمدو يوسفو، كما حضرت افتتاحها وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس برلي.
وتبذل مجموعة دول الساحل وهي من أفقر دول العالم جهودا كبيرة لجمع تمويل قدره 250 مليون أور ضروري لبدء العمليات، حيث التزم كل بلد من بلدان المجموعة بتقديم مساهمة التمويل قدرها عشرة ملايين أورو، والتزم الاتحاد الأوروبي بتقديم 50 مليون أورو، كما التزمت فرنسا بتقديم ثمانية ملايين أورو لهذه القوة معظمها على شكل تجهيزات عسكرية، وتعهدت العربية السعودية بتقديم 100 مليون دولار، والتزمت الولايات المتحدة هي الأخرى بتقديم عون مالي ثنائي لكل من دول المجموعة على بميلغ إجمالي قدره 60 مليون دولار.
ومن المقرر عقد مؤتمر جديد حول تمويل القوة المشتركة لدول الساحل يوم 23 فبراير الجاري في بروكسل.
وضاعفت المجموعات الجهادية المسلحة مؤخرا من عملياتها في مالي بعد أن فرقها التدخل العسكري الفرنسي عام 2013، ويلاحظ ازدياد نشاط هذه المجموعات حاليا وسط وشمال مالي، رغم حضور قوات حفظ السلام الأممية التي يبلغ تعداد عناصرها 12 ألف جندي، ورغم وجود أربعة جندي فرنسي ضمن قوة برخان الفرنسية.
ووسعت المجموعات المسلحة من نشاطاتها خلال عام 2017 في وسط وجنوب مالي، وعلى حدود مالي مع النيجر وبوركينافاسو التي عانت مؤخرا من عمليات الجهاديين المسلحين.
وتتوفر قوة مجموعة الساحل العسكرية المشتركة على مقر عام ببلدة سافاري بمالي، وقد نفذت حتى الآن ثلاث عمليات في مالي والنيجر وبوركينافاسو بتنسيق مع القوة العسكرية الفرنسية. وتعتبر هذه القوة المشتركة التي تتشكل من خمسة آلاف رجل والتي يوجد مقرها في مالي، آخر رصاصة في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة التي فشلت القوات الأممية والقوات الفرنسية في دحرها. وقد شكلت الألوية السبعة المؤسسة لهذه القوة التي يقودها الجنرال المالي ديدييه داكو، كما شكلت وحداتها، فيما ينتظر وصول الخمسة آلاف جندي وضابط المكونة لها . ويطرح عائق كبير آخر يتعلق بالمدة التي سيستغرقها انتداب هذه القوة: فهل مدة الانتداب ستكون أشهرا أم سنوات أم ما ذا؟
ويرتبط الجواب على هذا السؤال الهام بحسم مسألة التمويل التي سيتحدد على أساسها مستقبل هذه القوة الهامة. ويأتي تشكيل هذه القوة بعد تجارب فاشلة في هذا المجال، بينها لجنة قيادة الأركان العملياتية التي شكلت في تمانراست بالجزائر عام 2010 تحت قيادة الجزائر وعضوية موريتانيا والنيجر ومالي والتي لم يعد يوجد منها اليوم سوى الاسم.
ويستلزم هذا أن يستخلص قادة مجموعة الساحل الخمس الدروس من إخفاق التجارب التنسيقية العسكرية الماضية.
ويظل الأمر المؤكد في كل هذا هو أن الجانب العسكري وحده لا يكفي للقضاء على الإرهاب المعشش منذ عقود في منطقة الساحل، وهو ما يؤكده فشل عملية برخان الفرنسية التي حلت فاتح أغسطس 2014 محل عملية «سرفال» التي أطلقت مستهل عام 2013 في مالي، وكذا فشل قوة «منوسما» الأممية؛ فالشمال المالي لم يعرف الهدوء بعد فالأوضاع على حالها أو أشد.
وهناك أمر آخر يستدعي القلق على التجربة الساحلية الجديدة وهو غياب الجزائر عن هذه المجموعة التي ظلت تشرف على العمليات العسكرية المضادة للإرهاب في الشريط الساحلي الصحراوي.