ماكرون يدعو الفرنسيين إلى منحه الأغلبية البرلمانية لتنفيذ برنامجه الانتخابي
باريس «القدس العربي»: غداة انتخابه رئيسا لفرنسا، حضر إيمانويل ماكرون يوم أمس الإثنين احتفالات اليوم الوطني، مع الرئيس المنتهية ولايته، فرنسوا أولاند، ووضعا معا إكليلا من الزهور على قبر الجندي المجهول، بمناسبة حلول الذكرى 72 لنهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية، في الثامن من أيار/مايو عام 1945.
وقال فرانسوا أولاند، إنه يحس بالفخر بانتخاب وزيره السابق رئيسا لفرنسا. كما أكد أنه سيكون على استعداد لإعطائه «نصائح أو معلومات يحتاجها في أي وقت».
كما قال الرئيس أولاند إن الفرنسيين انتخبوا سياسيا شابا من أجل الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما أنه تعبير عن «رفض كبير للفرنسيين، لأفكار الكراهية والعنصرية» التي كان اليمين المتطرف يسوق لها خلال الحملة الانتخابية.
ومن المقرر أن يحضر ماكرون إلى جانب أولاند يوم غد مراسم إحياء اليوم الوطني لذاكرة العبودية، كما سيحضران معا آخر اجتماع للوزراء.
وتنتهي ولاية فرانسوا أولاند رسميا الأحد المقبل حيث ستتم مراسم نقل السلطة في اليوم نفسه.
ومن المقرر أن يبدأ ماكرون بتشكيل حكومته خلال الأيام المقبلة تمهيدا للانتخابات التشريعية التي ستشكل امتحانا عسيرا له، بعد فوزه الكبير في الاقتراع الرئاسي.
وكانت أولى الخطوات للرئيس المنتخب، تقديمه لاستقالته يوم أمس من رئاسة حركة «إلى الأمام» التي تحولت إلى حزب تحت اسم «الجمهورية إلى الأمام».
كما يفترض أن يكشف ماكرون قريبا عن اسم رئيس الوزراء الذي اختاره وأعضاء الحكومة. ولا يزال الغموض سيد الموقف، بحيث أنه سيتعين عليه تعيين شخصية متمرسة وذات حنكة سياسية، وفي الوقت نفسه، تكون لها القدرة على تجميع قوى من اليسار ومن اليمين، استعدادا لخوض الانتخابات التشريعية الشهر المقبل. ومن بين السياسيين الذين قد يتولوا هذا المنصب، هناك فرانسوا بايرو، زعيم حزب الوسط «الموديم» و جان ايف لودريان، وزير الدفاع وجيرار كولومب، إحدى القيادات التي صاغت برنامجه الانتخابي، وعضو مجلس الشيوخ الفرنسي أو شخصية أخرى من التكنوقراط.
وقالت وزارة الداخلية إن ماكرون انتخب رئيسا بحصوله على 66 في المئة من الأصوات مقابل 33 في المئة لمارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات، بعد فرز جميع أصوات الناخبين البالغ عددهم 47 مليون صوت.
وكشفت الأرقام الرسمية أن 11.5 في المئة من الناخبين تركوا البطاقات فارغة أو أبطلوا أصواتهم، في حين لم يشارك 25.38 في المئة من الناخبين في عملية التصويت.
وتبعا لنتائج الاقتراع، يكون ماكرون البالغ من العمر 39 عاما، أصغر رئيس في تاريخ فرنسا منذ عهد نابوليون بونابارت.
وبعد إعلان النتائج للرئيس الفرنسي المنتخب، احتفل أنصاره أمام ساحة اللوفر في قلب باريس وسط إجراءات أمنية مشددة. وتوجه ماكرون بخطاب أمام الجماهير الغفيرة، وشكرهم على التصويت لصالحه ودعمه.
وقال ماكرون إنه يعي جيدا «حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي. المهمة ستكون جسيمة ولن أدخر أي جهد لخدمتكم ولخدمة فرنسا».
وأضاف ماكرون «إن أوروبا والعالم في انتظارنا لندافع عن أفكار حقبة الأنوار وعن الحريات وحماية المضطهدين».
ولتحقيق ذلك استعرض ماكرون جملة من التدابير المنتظرة، أبرزها «إصلاح أخلاقيات الحياة العامة، والدفاع عن الديمقراطية، إلى جانب إعادة بناء أوروبا وضمان سلامة الفرنسيين».
كما قال إنه سيسعى لخدمة فرنسا بالبقاء مخلصا لمبادئ الجمهورية، وهي «الحرية والمساواة والأخوة». كما شدد على أن فرنسا «متعددة الثقافات والروافد»، وهو ما كانت تنفيه وترفضه مارين لوبان.
وأبلغ ماكرون الذي يركز الآن على الحصول على أغلبية في مجلس النواب أنصاره بأنه من الضروري بناء أغلبية برلمانية من أجل إجراء التغييرات «التي تحتاجها فرنسا بشدة»، داعيا إلى منحه «أغلبية للتغيير الحقيقي الذي تنشده البلاد منذ ثلاثين سنة».
كما توجه بكلمة إلى الفرنسيين الذين صوتوا لصالح لوبان، وقال إنه يعرف أنهم صوتوا لها لأنهم «يحسون بالغضب» وأضاف «سأفعل كل ما في وسعي في السنوات الخمس المقبلة كي لا يكون لأي شخص سبب يدعوه مجددا للتصويت للمتطرفين».
كما تعهد الرئيس المنتخب في خطاب فوزه بالرئاسة أنه سيحارب الانقسام في بلاده وسيدافع عن مصالحها، مؤكدا أنه سيدافع أيضا عن المصير المشترك لأوروبا، وأضاف «أخاطب شعوب العالم وأقول لقادة كل الدول إن فرنسا جاهزة للسلام والتعاون الدولي».
كما شدد الرئيس الفرنسي المنتخب على أن فرنسا ستكون في الطليعة في «مكافحة الإرهاب على أرضها وفي الخارج إذا لزم الأمر».
ويواجه إيمانويل ماكرون تحديا كبيرا بعد فوزه، وهو ضرورة حصوله على الأغلبية البرلمانية، من أجل تمرير كل القوانين والإصلاحات التي ينوي القيام بها خلال ولايته الرئاسية.
إيمانويل ماكرون يملك شعبية جارفة، ولكنه لا يملك القاعدة الحزبية المتمرسة الممتدة في كل ربوع البلاد، لأن حركته التي أسسها قبل عام، ما تزال وليدة العهد، وبالتالي سيتعين على حزبه الجديد، «الجمهورية إلى الأمام» الإسراع في إيجاد مرشحين أكفاء يقدر عددهم ب 569 مرشحا لتمثيل كل المناطق الفرنسية، لخوض الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في بداية الشهر المقبل.
Share on Facebook