مراقبون: القمة الأوروبية – الافريقية حلقة جديدة في سلسلة الخلافات بين المغرب والدول الداعمة للبوليساريو
الرباط –« القدس العربي» : يرى مراقبون، أن مشاركة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في أشغال القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي – الاتحاد الأوروبي، التي تعقد بأبيدجان، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، ستشكل حلقة جديدة في سلسلة الخلافات بين المغرب والدول الداعمة لجبهة البوليساريو، حول حضور الجمهورية الصحراوية من عدمه في القمة. خاصة أن هذه المشاركة، تأتي بعد انضمام المغرب مجددا في كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى الاتحاد الأفريقي بعد غياب استمر 33 عاما احتجاجا على قبول الاتحاد عضوية «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» التي أعلنتها جبهة البوليساريو في الصحراء.
وعن دلالات وخلفيات حضور الملك محمد السادس، هذه القمة، يرى محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض في مراكش، أن المغرب يحاول أن يستغل علاقاته القوية ببعض الدول الأوروبية خلال هذا الملتقى لتعزيز مكانته المتميزة في أفريقيا، بحيث أن استثمار العلاقات الثنائية مع كل من فرنسا وإسبانيا وبليجكا يمكن أن يساعد على اختراق وتقوية الوجود المغربي في بعض المعاقل الأفريقية. ثم إن حضور الملك في الكوت ديفوار، البلد الذي يعتبر حليفا قويا للمغرب، هو تأكيد رغبة المملكة وحرصها على إنجاح هذه المحطة ودعم هذا الحليف. فالملك، يرد التحية للرئيس الإيفواري بعدما رفض هذا الأخير توجيه الدعوة إلى البوليساريو حتى توصلت إليها من طرف المفوضية الأفريقية.
وأضاف في تصريح ل «القدس العربي» قائلا: إن «المغرب بهذا الحضور يخفف من وقع ووطأة خبر حضور البوليساريو، وأن يقلل من النشوة الإعلامية والدعائية التي رافقت إعلان حضورها. كل هذه الاعتبارات تصب تُجاه الحضور، لكن، تحقيق الأهداف والخلفيات يبقى رهين طريقة إخراح وتدبير كواليس القمة والتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين والأفارقة، فالحضور الملِكي، بقدر ما يؤسس لأعراف جديدة تقطع مع سياسة الكرسي الفارغ، بقدر ما تؤسس لسوابق ووقائع يمكن تأويلها واستغلالها بطريقة احتالية وتعسفية من طرف خصوم المغرب للاحتجاج بها في المستقبل أو لتكريسها وفق منطق لا يخدم مصالح المغرب».
ومن المقرر أن يحضر في هذا الحدث، حسب الموقع الرسمي للقمة الأفريقية الأوروبية على الإنترنت، نحو 5302 مشارك منهم رؤساء حكومات ودول ووزراء خارجية ل 83 دولة من أوروبا وأفريقيا ولم تعلن الجهة المنظمة، إلى حدود الاثنين، عن لائحة رؤساء الدول والحكومات المتدخلين في القمة؛ وهو الأمر الذي جعل بعض المحللين يتوقعون حدوث المفاجأة بخصوص جلوس العاهل المغربي إلى جانب ابراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو الذي وصل أمس إلى أبيدجان. واعتبر مسؤول الإعلام في الجبهة حمادة سلمى الداف أن مشاركة الجمهورية الصحراوية في اجتماع القمة الأفريقية الأوروبية في كوت ديفوار يمثل إقرارا بشرعيتها داعيا في تصريحات له الاثنين نقلتها الإذاعة الجزائرية، الدولة المغربية لاستغلال الفرصة والتوجه لإقرار حل سياسي مقبول يجنب المنطقة مخاطر هذا النزاع.
وقال موقع جبهة البوليساريو إن حضور الجمهورية الصحراوية رسالة متعددة الأبعاد للمملكة المغربية بعد عام على انضمامها للاتحاد الأفريقي ، وتأكيدا لموقف أفريقيا الموحد بضرورة خروج المغرب من الصحراء «العضو المؤسس لهذا الاتحاد المتمسك باحترام ميثاقه التأسيسي والمستميت في الدفاع عن مبادئه وخطه السياسي المتمثل في إنهاء الاستعمار من القارة» وأضافت إن هذا الحضور رسالة قوية للمغرب ونكسة لدبلوماسيته وتأكيدا قويا بأن الجمهورية الصحراوية حقيقة قائمة وعضو مؤسس وفعال لمنظمة الاتحاد الأفريقي . وقد تناولت الصحافة المغربية والجزائرية، في الفترة الأخيرة، موضوع مشاركة البوليساريو في القمة الأوروبية الأفريقية في ال 29 وال 30 من تشرين الثاني / نوفمبر وأشارت إلى مباحثات دبلوماسية مكثفة تتخلل التحضيرات واعتبر الجانب المغربي، أن الحضور في اجتماع متعدد الأطراف لا يعني أبدا اعترافا بالجمهورية العربية الصحراوية.
وقالت كاثرين ري، المتحدثة باسم اللجنة الأوروبية، إن أيّة مشاركة في هذه القمة لا تشكل تغييرا لموقف الاتحاد الأوروبي لجهة عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وإن موقف الاتحاد الأوروبي ثابت هو عدم الاعتراف بها.
وبخصوص مشاركة جبهة البوليساريو، في هذه القمة، يرى محمد الزهراوي، أن حضور جبهة البوليساريو في قمة الشراكة الخامسة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي بعد توصلها بدعوة من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يحمل في طياته أربعة تداعيات ونتائج أساسية. أولى هذه النتائج، هي انتصار المحور المعادي للمغرب، خاصة الجزائر وجنوب أفريقيا، وذلك بتمكنه من توظيف المفوضية الأفريقية بطريقة احتيالية لفرض حضور هذا الكيان. لاسيما أن الدعوة وجهت للبوليساريو من طرف المفوضية وليس البلد المضيف.
ووضعت القمة الخامسة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي على رأس أجندتها، مناقشة مواضيع الاستثمار في الشباب وتحديد مجالات العمل المشترك. كما تناقش القمة الهجرة والإرهاب والتطرف والسلم والأمن، إضافة إلى حشد الاستثمارات الأوروبية للنهوض باقتصاد القارة السمراء ما يجعلها محط آمال الدول الأفريقية.