مراقبون يدعون إلى ضخ دماء جديدة في المشهد السياسي المغربي
الرباط – «القدس العربي» : بعد مرور سنة على انتخابات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر التشريعية، برز عدد من التغييرات في المشهد السياسي المغربي، من ضمنها تغيير على مستوى قيادة بعض الأحزاب، حيث اختار حزب «التجمع الوطني للأحرار» رجل الأعمال عزيز أخنوش رئيسا له، ووصل إلياس العماري لرئاسة حزب «الأصالة والمعاصرة».
وبرز تصدع داخل حزب «الاستقلال» بين مؤيد ومناهض للأمين العام السابق حميد شباط وتم انتخاب نزار بركة خلفا له، فيما تم إعفاء عبد الإله بن كيران من رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني.
كانت انتخابات السنة الماضية ثاني استحقاقات تشريعية يعيشها المغرب في ظل دستور 2011، إذ تصدر حزب «العدالة والتنمية» المشهد الجديد من جديد، محطما رقما قياسيا في عدد النواب للمرة الثانية بحصوله على 125 مقعدا برلمانيا، 98 منها في الدوائر المحلية و27 في الدائرة الوطنية، فيما احتل حزب «الأصالة والمعاصرة» المرتبة الثانية وحاز حزب «الاستقلال» على المرتبة الثالثة، بينا عرفت الأحزاب التقليدية تراجعا واضحا من حيث عدد مقاعدها ك «الحركة الشعبية» و«التجمع الوطني للأحرار» و«الاتحاد الدستوري».
وفي نظر مراقبين، فقد أضحت الأحزاب السياسية غارقة في البحث عن التموضع بالقرب من مناصب المسؤولية أكثر من قربها من هموم المواطن والتعبير عن تطلعاته وانتظاراته الاجتماعية والسياسية وإصلاح ما يمكن إصلاحه، ما خلف مشهدا سياسيا يطبعه البياض والانتظارية.
ويرى محمد الزهراوي (أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش) إن المشهد السياسي المغربي تطبعه حالة من الجمود والانتظارية، حيث يمكن توصيف واختزال أهم المعالم لهذه السنة في ثلاث محطات رئيسية، الأولى تشكيل حكومة ضعيفة غير منسجمة بعد مخاض عسير، والثانية بروز أحداث الحسيمة وعجز الأحزاب والنخب عن امتصاص غضب الساكنة في تلك المنطقة والاكتفاء بالتفرج والنزوع نحو الصمت، والمحطة الثالثة، تتمثل في خطاب العاهل المغربي خلال عيد العرش الذي كان قويا وبنبرة غير مسبوقة تجاه الأحزاب السياسية والنخب، إذ انتقد الملك ممارسات الأحزاب وسلوك وتصرفات النخب التي أفقدت المواطن الثقة في السياسة والعمل الحزبي.
وأضاف الزهراوي في تصريح ل «القدس العربي» إن هذه السنة اتسمت بالبياض والانتظارية على المستوى السياسي، الأمر الذي يتطلب إعادة تجديد الحقل السياسي وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية وصياغة برامج وتصورات مغايرة لما هو موجود.
أما على مستوى الخطاب السياسي الذي عرفته فترة ما بعد النتائج الانتخابية، فقد سجل باحثون أنه أصبح في أزمة وارتباك.
يقول جمال بن دحمان (أستاذ جامعي متخصص في تحليل الخطاب بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء) في تصريح ل «القدس العربي»: إن السياسة بالمغرب تمارس خارج الوعي بقيمة الزمن الذي هو رتيب ونمطي ومتكرر، بالمعنى الذي يحيل على أنه من الصعب الحديث عن التغيير، لكونه يبقى رهين لحظة الانتخابات سواء منها تلك المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية أو المؤتمرات الحزبية، ما نتج عنه عدم مراعاة السياقات وقراءة الإشارات السياسية ومعالجتها حسب ما تتطلبه السياقات، وهو ما يعني جمود المواقف.