وزير خارجية فرنسا يزور موريتانيا في مسعى مفاجئ لتطبيع العلاقات

وزير خارجية فرنسا يزور موريتانيا في مسعى مفاجئ لتطبيع العلاقات

وزير خارجية فرنسا يزور موريتانيا في مسعى مفاجئ لتطبيع العلاقات

غير أن اجتماع آيرولت المطول مع الرئيس الموريتاني وتصريحاته المتوددة بعد خروجه من المقابلة، وجلسات العمل التي عقدها مع نظيره الموريتاني الدكتور إزيد بيه، كل هذا أظهر أن زيارته لموريتانيا كانت سياسية بامتياز وليست سياحية بإطلاق.
وقد أعطت الزيارة نتائجها السريعة حيث قبل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز دعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند له لزيارة فرنسا التي سلمها إليه الوزير جان ماري آيرولت حيث سيسافر إلى باريس الأسبوع المقبل، حسبما أكدته مصادر مطلعة.
وأكد الوزير الفرنسي في تصريحات أدلى بها أمس في نهاية لقاءاته الرسمية «أن مباحثاته مع الرئيس الموريتاني ارتقت إلى المستوى الرفيع للعلاقات الممتازة القائمة بين فرنسا وموريتانيا».
وقال «الكل يعرف أن موريتانيا بلد صديق وشريك مهم لفرنسا ليس فقط على الصعيدين الدبلوماسي والأمني وإنما على الصعيد الاقتصادي أيضا، علاوة على كون موريتانيا شريكاً يتمتع بالأولوية في مجال الدعم الفرنسي الموجه للتنمية».
وأضاف قائلاً «نقلت للرئيس الموريتاني تحيات الرئيس أولاند ودعوته لفخامته لزيارة فرنسا خلال الأيام المقبلة، كما تطرقت مباحثاتنا لمجمل المواضيع ذات الاهتمام المشترك، حيث عبرت خلال اللقاء عن تقدير فرنسا الكبير للجهود التي تقوم بها موريتانيا لضمان الأمن والاستقرار ليس فقط على الصعيد الداخلي ولكن أيضا لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها».
وقال «عبرت عن تقديرنا لدور موريتانيا الكبير في تأسيس مجموعة بلدان الساحل الخمس، دون أن أنسى ارتياحنا الكبير لدور الرئيس في نزع فتيل الأزمة في غامبيا ونجاح الوساطة وما ترتب عليها من احترام نتائج الانتخابات هناك وتمكين الرئيس المنتخب من مزاولة مهامه».
وأضاف»وقبل أن أنهي هذا التصريح لا يسعني إلا أن أعبر عن تقديرنا للدور البناء للدبلوماسية الموريتانية ودورها الاستباقي في مواجهة الأزمات وعن سعادتي للفرصة التي أتيحت لي للاستماع إلى رؤية الرئيس للملفات الكبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي ونصائحه التي لا غنى عنها للتعاطي مع الملفات الإقليمية خصوصاً في مالي وليبيا».
واعتبر ملاحظون أن المصالحة بين فرنسا وموريتانيا قد اكتملت، وهو ما أكده كذلك محمد الأمين الشيخ وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة الموريتانية أمس في مؤتمره الصحافي الأسبوعي حيث أوضح «أن العلاقات الفرنسية الموريتانية كما هو معلوم وواقع، علاقات طبيعية والزيارات المتبادلة لم تنقطع في يوم من الأيام والتشاور مستمر وزيارة وزير الخارجية الفرنسي الحالية لنواكشوط تدخل في إطارها الطبيعي ضمن هذا التشاور والزيارات المتبادلة».
وفي قراءته لهذا التطور أكد ل «القدس العربي» الإعلامي محمد محمود أبو المعالي «أن العلاقات الموريتانية الفرنسية شهدت مرحلة فتور بادية للعيان، تعود جذورها إلى رفض موريتانيا المشاركة في الحرب التي تخوضها فرنسا وحلفاؤها ضد الجماعات الجهادية منذ مطلع عام 2013، وقد أكدت تصريحات الرئيس الموريتاني الأخيرة هذا الفتور، حيث قلل فيها من أهمية التصنيف الفرنسي لبلاده من حيث الأمن والأمان».
وأشار إلى أن «انتقاد الرئيس الموريتاني للحرب التي تقودها فرنسا في مالي، يندرج ضمن هذا السياق، وهناك مؤشرات أخرى عديدة من بينها اهتمام الإعلام الفرنسي الحكومي والمقرب من دوائر السلطة بالمعارضين الموريتانيين، إلى غير ذلك».
وأضاف «أعتقد أن زيارة الوزير الفرنسي تأتي ضمن مساعي الرئيس الفرنسي لترك جو هادئ في العلاقات الخارجية الفرنسية، أمام خلفه في الرئاسة، خصوصاً مع الدول ذات التأثير في مناطق النفوذ الفرنسي، كما أنها تأتي بعد أربع سنوات من إطلاق فرنسا عمليات «سرفال» و»برخان» دون أن تأتي بالنتيجة المطلوبة وهي القضاء على الجماعات الجهادية، لذلك ففرنسا تسعى لبناء استراتيجية جديدة تقوم على إشراك دول المنطقة برمتها، خصوصاً موريتانيا الدولة التي لم تشارك في الاستراتيجية السابقة، وفي هذا الإطار تسعى فرنسا لدفع موريتانيا إلى مشاركتها حربها ضد الجهاديين».
وأوضح «أنه من المعلوم أن فرنسا في مثل هذه الأمور تعتمد سياسة العصا والجزرة، حيث تسعى دائماً للضغط على الأنظمة الحليفة بواسطة الملفات السياسية وملفات حقوق الانسان والديمقراطية، ثم تشرع في مدح الأنظمة والثناء على دورها وقدراتها الأمنية والسياسية سبيلاً إلى تحفيزها للمشاركة، وهذا بالضبط ما تعتمده فرنسا حالياً حيال موريتانيا».
أما المحلل السياسي إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا، فقد أكد ل»القدس العربي» أن الجفاء بين الرئيس الموريتاتي وفرنسا طال أمده منذ أن رفض عزيز التدخل عسكرياً في إطار قوات «المنيسما»، ولكن فرنسا كسرت ذلك الجفاء بشكل مفاجئ شهراً قبل رحيل فرانسوا أولاند عن السلطة؛ وبعد أسبوعين من رفعها حظر السفر إلى موريتانيا عن السياح الفرنسيين».
وأضاف «تريد فرنسا الحصول على مساعدة موريتانيا في مالي بشكل أكبر، كما تود أن تخطب ودها كعضو فعال في مجموعة دول الساحل الخمس المارق على فرنسا؛ خصوصاً أن الساحة المالية حبلى بالتطورات من جانب الحكومة وحركات التمرد مما ينذر بمكث أطول للجيش الفرنسي المكون الرئيسي للقبعات الزرق».
وأدرج المحلل ضمن أسباب الحرص الفرنسي على مصالحة موريتانيا سببا آخر هو سعي فرنسا للمحافظة على الحظوة في حقل «تاودني» الرسوبي الواعد والواقع شمال موريتانيا».

m2pack.biz