23 مليون ناخب جزائري يتوجهون اليوم إلى مكاتب الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية!
الجزائر «القدس العربي»: يتوجه اليوم أكثر من 23 مليون ناخب جزائري لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية في سادس انتخابات محلية منذ إقرار التعددية السياسية في البلاد بموجب دستور 1989، وهي انتخابات تعوّل عليها السلطة كثيرا لكسب مصداقية وشرعية في المجالس المحلية، للتخفيف من الضغوط على الهيئات والمؤسسات المركزية، فيما يبدو المواطن أبعد ما يكون عن هذه الانتخابات.
ويأتي يوم الاقتراع بعد حملة انتخابية دامت أكثر من ثلاثة أسابيع، شهدت أشياء كثيرة، وأثارت الكثير من الجدل، فالخطاب السياسي، بشهادة الكثير من المحللين، كان ضعيفا ومبعثرا، ولم يتم التركيز على المشاكل التي تهم المواطن، ولا على التحديات التي تنتظر المجالس المحلية المنتخبة، فأكبر حزب الذي هو جبهة التحرير الوطني، خاض حملة على وقع التصريحات المثيرة للسخرية لأمينه العام جمال ولد عباس، فمرة يقول إنه درس مع أنغيلا ميركل، ومرة ثانية يعلن أنه مكتشف جهاز للأشعة في ألمانيا، وأنه الأول على دفعة تضم 3000 طالب طب، ومؤخرا راح يؤكد أنه هو من قاد الطائرات التي نقلت المناصرين إلى أم درمان من أجل المباراة الفاصلة بين المنتخب الجزائري ونظيره المصري عام 2009، والمؤهلة إلى مونديال جنوب أفريقيا 2010، تصريحاته وخرجاته لم تعجب حتى قياديين داخل حزبه، الذين أبدوا تخوفهم من انتكاسة في الانتخابات المحلية.
غريم جبهة التحرير الوطني حزب التجمع الوطني الديمقراطي خاض حملة أكثر انضباطا بقيادة أمينه العام ورئيس الوزراء أحمد أويحيى، الذي أصبح يحسن سياسة التملص من عباءة المسؤول، ويتحول إلى حزب بخطاب معارض في الانتخابات، إلى درجة أن أويحيى راح يحث أنصار حزبه على البقاء في مكاتب الاقتراع يوم الانتخاب، وعدم مغادرتها مهما كان السبب، حتى الحصول على نسخة من محضر فرز الأصوات، مشددا على أن يوم الانتخاب يوم جهاد، وهو أمر أثار الحيرة، فإذا كان رئيس الوزراء يخشى التزوير، فكيف سيكون حال المعارضة؟
الأحزاب المعارضة من جهتها، حاولت خوض هذه الانتخابات من خلال تقديم برامج ومرشحين من أصحاب المصداقية، لكن مشكلة أحزاب المعارضة أنها شبه مقتنعة أن هذه الانتخابات ستكون شبيهة بما سبقتها، فأحزاب المعارضة التي كان لديها أمل في أن تكون الانتخابات البرلمانية الماضية شفافة ونزيهة، عادت لتشتكي التزوير بعد إعلان النتائج، وتأكيد أن أغلبية مقاعد البرلمان وزعت على أحزاب السلطة وما تبقى وزعت على المعارضة، وبالتالي ليس لديها تفاؤل كبير بأن تكون الانتخابات المحلية كما تشتهي سفنها.
من جهته يبقى المواطن بعيدا عن السباق الانتخابي، فالحملة لم تكن بالمستوى الذي كان مطلوبا لإقناع المواطنين بالانخراط فيها، أولا لأن الهوة بين الحاكم والمحكوم تزداد اتساعا مع كل موعد انتخابي، ومن جهة ثانية التجارب السابقة جعلت المواطن عموما يشعر بالاحباط من عديد المجالس المحلية التي اختارها أو «اختيرت له»، فاسم الكثير من المجالس ارتبط بالفساد والاختلاسات، وعندما يسمع خبرا مفاده أن مرشحا هرب بأموال الحملة الخاصة بحزبه إلى الخارج قبل أيام يشعر أن الأمور تزداد سوءا، وحتى بالنسبة لأولئك الذين مازالوا يثقون في الأحزاب والانتخابات والمجالس المنتخبة، يدركون أن الإشكال أيضا قائم في الصلاحيات، فرئيس المجلس الشعبي البلدي لا وزن له أمام الإداريين المعينين مثل رئيس الدائرة والوالي المنتدب والوالي، بدليل أن كثيرا من الولاة قاموا بإقالة رؤساء مجالس منتخبين لسبب أو لآخر.
بالنسبة للنتائج يتوقع أن تأتي لتكرس الخريطة السياسية القائمة، بمعنى أن حزب جبهة التحرير الوطني سيأتي غالبا في الصدارة، مع فقدان بعض من المجالس التي كان يحوزها، لمصلحة التجمع الوطني الديمقراطي حزب رئيس الوزراء، الذي سيأتي في المركز الثاني محققا تقدما نسبيا موازنة بالانتخابات المحلية التي جرت في 2012، على أن يأتي بعد ذلك الإسلاميون في المركز الثالث.