المرايا والذوات والعقول الأخرى
2من اصل3
لمست حيوانات الشمبانزي والبونوبو وإنسان الغاب البقعتين، على الرغم من وجود اختلاف كبير بينها في هذا الشأن، لكن حيوانات الغوريلا لم تفعل ذلك، وأظهرت الاختبارات التي أجريت على القردة أنها غير قادرة على التعرف على ذاتها، على الرغم من أن بإمكانها استخدام المرايا في أغراض أخرى، مثل الوصول إلى الأشياء التي يمكنها فقط رؤيتها عبر انعكاسها في المرآة. يشير هذا إلى وجود اختلاف كبير في هذا الشأن بين القردة العليا والحيوانات الأخرى، لكن هناك الكثير من الشكوك والمشكلات التي تحيط بهذا الأمر؛ فعلى سبيل المثال: بعض أنواع الحيتان والدلافين على قدر كبير جدا من الذكاء، وتستمتع باللعب بالمرايا، وربما يكون لديها مفهوم عن الذات، لكن ليست لديها أيد يمكنها بها لمس البقعتين الملونتين.
على الرغم من أن هذا الاختبار رائع ومهم، فإنه لا يقدم إجابات مؤكدة عن الوعي؛ فقد كان جالوب الذي صمم هذا الاختبار مقتنعا أن حيوانات الشمبانزي تستطيع التعرف على ذاتها في المرايا، ولديها مفهوم عن الذات، وفكرة عن ماضيها ومستقبلها، ووعي بذاتها. إن المتشككين يتفقون معه فقط في أن تلك الحيوانات يمكنها استخدام صورها المنعكسة في المرآة في فحص أجسادها، ويرون أن هذا لا يعني أن لديها وعيا ذاتيا.
هناك طريقة أخرى لاستكشاف الوعي الذاتي، وهي فحص الذكاء الاجتماعي عند الحيوانات، بما في ذلك فحص إن كان يمكنها تقدير أن الحيوانات الأخرى لديها عقول.
الفكرة هنا تتمثل في أن الحيوان إذا كانت لديه نظرية عن العقل، كما هو الحال بالنسبة إلى البشر، فربما يمكنه تحويل هذا الفهم للداخل ويرى أن ذاته لديها رغبات ونيات ومشاعر. إن الخداع مهم هنا أيضا؛ فحتى تخدع كائنا آخر، يجب أن تكون على علم بما يعرفه أو يريده، وقد لوحظ أن حيوانات الشمبانزي تعمل على تشتيت انتباه الحيوانات الأخرى بينما تقوم بانتزاع الطعام أو تحرص على الاختفاء خلف الصخور حين تمارس سلوكا خارجا، لكن بعض التجارب الذكية التي قام بها اختصاصي الرئيسيات دانيال بوفينيللي ألقت بظلال الشك على مدى التبصر الاجتماعي لتلك الحيوانات.