المشاعر، ودوافع الشخصية، والتعاطف
2 من أصل 3
وبمجرد أن يتعرَّف المشاهدون على بنية الدوافع لإحدى الشخصيات، فإنهم يتماهَوْن معها ورغم أنه ليس من اللازم أن يكون هذا التماهي قويٍّا أو مستدامًا، فإنه ينبغي أن يستمر فترة كافية لكي تصبح أفعال الشخصية مفهومة وتخدم تطور القصة. 38 وكثيرًا ما يكون تماهي المُشاهِد مع شخصية معينة غير محايِد؛ فنحن “نشعر” بأشياء معينة عندما نتماهَى مع شخصيات مختلفة. فنتعاطف معهم ونُحِسُّ بمجموعة من المشاعر.
تؤثِّر خبرتُنا التعاطفية على طريقة ارتباطنا بالقصة. فقد أظهرتِ الأبحاث التجريبية مدى تأثير تعاطف المُشاهِد على استجاباته للأفلام المرعبة. فالمشاركون الذين تعاطفوا مع الشخصيات وجدوا أنه من الضروري أن يُطعِّموا خبرة مشاهدتهم بشيء من ” الخيال ” عن عَمْد، عن طريق تركيز انتباههم على المؤثرات البصرية مثلًا. وبعض المشاهدين ارتبطوا بالشخصيات ارتباطًا شديدًا، لدرجة أنهم شعروا بضيق شخصي أثناء المَشاهِد المخيفة، وانسحبوا من العالم السردي عن طريق تخيُّل أنهم موجودون في مكان آخر. 39
فمن الواضح أن ثمة علاقة تربط بين الشخصيات، والخبرة الشعورية لدى المشاهدين، والقصة.
ورغم أن كثيرًا مما ذكرناه عن التماهي ودوافع الشخصية والتعاطف يمكن تطبيقه على أي شكل سردي، فإن ثمة فروقًا أيضًا. فالقراء يؤكِّدون أنهم يرتبطون بالشخصيات الأدبية عن طريق استخدام خيالهم لإمدادهم بالتفاصيل غير المكتوبة. وبالمقابل، ينغمس المشاهدون بمنتهى السهولة في السرد المرئي كما هي الحال في تلك الخبرة الشائعة المتمثِّلة في تشغيل التليفزيون ” لمدة ثانية واحدة فقط” ورؤية لمحة خاطفة من فيلم ما، ثم ” الاستغراق الكامل في القصة” لدرجة فقدان القدرة على تركه.