الدراسات الثقافية2 من أصل 3
ثمة دراسة رائدة أجُريت في أواخر السبعينيات تضمَّنت عَرْض حلقتين من برنامج إخباري بريطاني على 29 مجموعة نقاش تمثِّل شرائح اقتصادية واجتماعية متنوعة من سكان المملكة المتحدة ) منهم طلَّاب جامعيون، فنيون تحت التدريب، موظفو إدارة تحت التمرين، مديرو متاجر (. 33 وقد وجد الباحثون أن كل واحدة من تلك المجموعات استجابتْ للبرنامج بطريقة مختلفة. واستندت تلك الاختلافات إلى الموقف الذي اتخذتْه كل مجموعة حيال الرسائل التي تضمَّنها البرنامج. فالموظفون المتدرِّبون في إدارة البنوك والفنيون تحت التمرين عبَّروا عن موقف ” مهيمِن” فرغم عدم اتفاقهم مع كل ما جاء في البرنامج، فإنهم أقرُّوا بالافتراضات الأساسية التي تقضي بأن محتواه دقيق.
وعبَّر المدرِّسون ومسئولو اتحادات العمال عن موقف ” تفاوضي” : فقد سخروا من نبرة البرنامج، لكنهم لم يرفضوه. أما الطلاب الجامعيون ومديرو المتاجر من السود، فقد تبنَّوْا موقفًا ” احتجاجيٍّا” حيال البرنامج؛ وذلك بالتعبير عن رفضهم له كونه يتعمَّد تضليل الجمهور، أو بإظهار عدم اكتراثهم به.
لقد حظيت الدراما النهارية (أو ” الصوب أوبرا”) باهتمام كبير من جانب دارسي الثقافة؛ نظرًا لما تقدِّمه من صور مبالَغ فيها للأنماط الثقافية السائدة ففي حقبة الثمانينيات، كان مسلسل ” دالاس” موضوعًا خصبًا للدراسة بوجه خاص بسبب شعبيته الكبيرة في جميع أنحاء العالم. 34 وبإمكاننا أن نفترض أن ثمة شيئًا ما في الصوب أوبرا المسائية يمنحها تلك الجاذبية الشاملة، بيد أن مجموعات النقاش العابرة للثقافات فشلت في تحديد ذلك الشيء السحري الذي يجعل منها وسيلة ترفيه عالمية.