الدعاية والتأثير على الثقافة 2 من أصل 3
فهل كان فيلم ” كازابلانكا” دعاية لانخراط أمريكا في الحرب العالمية الثانية؟ وهل يطرح فيلم ” آفاتار” أفكارًا مناصرة لحركات حماية البيئة؟ هل جميع الأفلام دعائية من حيث ما تملكه من قدْرة على إحداث تأثيرات تراكمية وواسعة على الطريقة التي يفكِّر بها الناس في عالمهم؟ تلك العملية يُطلَق عليها التأثير التراكمي للإعلام . 60
الكثير من التأثيرات المتمايزة التي تناولناها حتى الآن يمكن تصوُّره بالنسبة إلى الثقافة بأكملها، ما يطرح علينا مجموعة متنوعة من السيناريوهات الكابوسية؛ فالجُمهُور المتبلِّد المشاعر يتحوَّل بفعل التعرضللتكنولوجيا إلى حَشْد من الموتَى الأحياء؛ مشاهدون غافلون مُسمَّرون أمام شاشات تُبقِي عليهم في حالة من المتعة السلبية، والتضليل المعلوماتي، والحرمان من دفء العلاقات الإنسانية (حبكة فيلم “ماتريكس” بصفة أساسية) وثمة مجموعة أخرى من السيناريوهات نذكر منها المخاوف من أن يَجعَل الإعلام الناسَ حَمْقَى، وأنانيين، ونرجسيين، وغير ذوي نفع، و / أو ضعفاء؛ أيْ مجتمعًا من الكُسَالَى.
الافتراض الذي يكمن وراء تلك المخاوف هو أن الإعلام لا يؤثِّر فقط على أفكارنا وسلوكياتنا، بل يمنحنا أيضًا طريقة متكاملة لفهم العالم هذا النوع من النقد الثقافي يمكن تتبُّع مساره حتى مارشال ماكلوهان ومقولته الشهيرة “وسيلة الإعلام هي الرسالة” 61. التي تعني بالأساس أن صور الإعلام التي تقوم عليها ثقافة المجتمع أكثر أهميَّةً من محتواها. أضِفْ إلى ذلك أن طرق التفكير تميل إلى التكيُّف مع صور التكنولوجيا الجديدة بمجرد ظهورها.