الدعاية والتأثير على الثقافة 3 من أصل 3
فعندما نشاهد فيلمًا، فإن حقيقة كونه فيلمًا تؤثِّر علينا أكثر مما تؤثر علينا نوعيته ) هل كان كوميديٍّا أو دراميٍّا) أو جودته العامة ) هل كان فيلمًا جيدًا أو رديئًا). وكلما شاهدنا عددًا أكبر من الأفلام، بدأنا نرى العالم باعتباره فيلمًا.
يلاحظ نيل بوستمان في كتابه ” الترفيه حد الموت” أنه لا بد أن يتمتع الخطاب العام ) طريقة توصيل المعلومات) في العصر الحديث بوقْع طيِّب على أبصار الجمهور وأسماعهم. 62 فالسياسيون ومقدِّمو الأخبار والوعَّاظ والمُداوُون والمدرِّسون ينبغي عليهم أن يُمرِّروا كلَّ ما يتفوَّهون به خلال فلتر يحدِّد كيف سيبدو في عيون الجماهير وعلى آذانهم وفي تلك الأثناء، يمكن تعديل الرسالة أو تجميلها، أو حتى تزييفها من أجْل إكسابها مظهرًا ملائمًا. فوسيلة الإعلام هي ما تحدِّد ما سوف تكون عليه الرسالة.
ومعايير الترفيه، بما فيها تلك التي عكفتْ هوليوود على تنقيحها لعقود طويلة، تُطبَّق اليوم على نشرات الأخبار والرطانة السياسية. وقد عبَّر بوستمان عن قلقه من أن هذا ” التبسيط المعلوماتي المتعمَّد” قد يُسفِر في النهاية عن موت الحضارة الغربية 63.