الساعات والأرانب1من اصل2
تخيل أنك جالس تقرأ أحد الكتب، وبينما تقلب الصفحة تدرك أن الساعة تدق. منذ لحظة، لم تكن واعيا بالدقات، لكن الآن وفجأة دخلت تلك الضوضاء دائرة وعيك؛ في تلك اللحظة، يمكنك تذكر الأصوات التي لم تكن تستمع إليها، وعد الدقات التي لم تسمعها. دقت بالفعل ثلاث دقات، وأنت ستستمر في الاستماع حتى تجد أنها الساعة السادسة.
هذا المثال رائع على نحو خاص؛ لأنه يمكنك التأكد من أنك قد قمت بعد عدد الدقات على نحو صحيح، لكن يحدث شيء مشابه طوال الوقت مع أشكال متعددة من الضوضاء الخلفية؛ فربما على نحو مفاجئ تكون واعيا بالضوضاء الخاصة بالحفر التي تحدث في الطريق، وحتى تلك اللحظة أنت لم تكن واعيا بها، ولكن الآن يبدو الأمر كما لو أنك تذكرت صوتها قبل أن تصبح واعيا بها؛ يبدو الأمر تقريبا كما لو أن شخصا، إن لم يكن أنت، كان يستمع طوال الوقت. إن تلك التجارب معتادة جدا لدرجة أننا نميل لتجاهلها، لكنها تستحق أن نفكر فيها على نحو أكثر إمعانا.
دعونا نتأمل مثال الساعة؛ إذا كانت طريقة التفكير العادية في الوعي صحيحة، يجب أن نكون قادرين على تحديد أي من التجارب كانت في مسرح أو تيار الوعي، وأي منها لم يكن هناك. فماذا عن أول ثلاث دقات للساعة؟ إذا قلت إنها كانت في تيار الوعي )أي إنك كنت واعيا بها( طوال الوقت، فلن تستطيع تفسير الانطباع المحدد جدا بأنك أصبحت على وعي بها فقط لاحقا. على الجانب الآخر، إذا قلت إنها كانت خارج تيار الوعي) أي إنك كنت غير واع بها( فعليك أن تفسر ماذا حدث عندما أصبحت على وعي بها؛ فهل كانت غير واعية حتى الدقة الرابعة ثم حدثت إحالة راجعة في الوقت على نحو ذاتي، كما يمكن أن يقول ليبيت؟ هل الذكريات الخاصة بها موجودة في شكل ما من الحالة غير الواعية فقط لكي تتحول لتكون واعية عندما يتحول انتباهك؟