محركو الجماهير 2من اصل3

محركو الجماهير 2من اصل3

محركو الجماهير 2من اصل 3
محركو الجماهير 2من اصل 3

وهم يحاولون إقناع الجماهير عن طريق دغدغة الغرائز الوضعية. وبالتالي فإن النفوذ الذي يمارسونه على الناس يظل دائمًا مؤقتًا وعابرًا. أما المقتنعون الكبار بمبادئهم والذين استطاعوا التوصل إلى تحريك روح الجماهير وحماستها من أمثال بطرس الناسك ولوثر وسافونارول وقادة الثورة الفرنسية فهم لم يسحروا الجماهير ويبهروها إلا بعد أن كانوا هم بالذات قد سحروا بعقيدة ما أو بإيمان ما. وعندئذ استطاعوا أن يثيروا في النفوس تلك القوة الهائلة التي تدعي الإيمان، وهي القوة التي تجعل الإنسان عبدًا مطلقًا لحلمه.

إن دور القادة الكبار يكمن في بث الإيمان سواء أكان هذا الإيمان دينيًّا أم سياسيًّا أم اجتماعيًّا. إنهم يخلقون الإيمان بعمل ما، أو بشخص ما، أو بفكرة ما، ومن بين كل القوى التي تمتلكها البشرية نجد أن الإيمان كان إحدى أهمها وأقولها. والإنجيل على حق عندما يعزو للإيمان قوة قادرة على زحزحة الجبال. فإذا ما تزود الإنسان بالإيمان تضاعفت قوته عشرات المرات. فغالبًا ما أنجزت أحداث التاريخ الكبرى من قبل مؤمنين مجهولين لا يمتلكون إلا إيمانهم الخاص. والأديان التي حكمن العالم والإمبراطوريات الشاسعة الممتدة من طرف العالم إلى طرفه لم تؤسس من قبل الأدباء والفلاسفة، ولا المتشككين بالطبع.

ولكن مثل هذه الأمثلة لا تنطبق إلا على القادة الكبار، وهؤلاء نادرون جدًا إلى حد انه يمكن تعدادهم على مدار التاريخ. فهم يشكلون القمة في سلسلة متواصلة ونازلة مبتدئة بالمتلاعب الكبير بعقول البشر ومنتهية بالعامل البسيط. أقصد بالعامل الموجود في نزل مليء بالدخنة، والذي يبهر ببطء زملاءه عن طريق تكرار بعض العبارات التي لا يفهمها على الإطلاق، ولكن التي يعتقد أن تطبيقها سوف يؤدي على تحقيق كل الأحلام والآمال.

وفي كل الدوائر الاجتماعية من أعلاها إلى أسفلها نجد أن الإنسان يقع تحت سيطرة قائد ما إذا لم يكن معزولًا. ونجد أن معظم الأفراد، خصوصًا في الجماهير الشعبية، لا يمتلكون، خارج دائرة اختصاصهم، أية فكرة واضحة ومعلنة، وبالتالي فهم عاجزون عن قيادة أنفسهم بأنفسهم.

m2pack.biz