اللاشعور الاجتماعي 2من اصل3
لقد أدرك أن رأينا في أنفسنا لا يطابق الواقع كثيراً وأدرك أيضاً كيف نخطئ دائماً في أنفسنا وفي الآخرين. وعلى هذا كان مهتماً اهتماماً حاراً بأن يقترب من الواقع الذي يقوم وراء تفكيرنا الواعي. وأدرك أن الجزء الأكبر مما هو واقعي حقيقي في داخلنا لا نشعر به ولا نعرفه وأن جل ما نعرفه ليس بحقيقي أو واقعي.
إن هذا البحث الدائب عن الواقع الداخلي فتح بعداً جديداً للحقيقة. ومن لا يعرف ظاهرة اللاشعور لمقتنع بأن يقول الحقيقة حين يقول ما يعرف ولقد بين فرويد أننا نستسلم كلنا من ناحية الحقيقة إلى قليل أو كثير من التضليل. وحتى لو كنا صادقين فيما يتعلق بما نستشعره فأغلب الظن أننا نكذب مع ذلك، لأن شعورنا “كاذب” لأنه لا ينقل التجارب والخبرات الواقعية في داخلنا والتي ترجع إلى أعمق من ذلك.
وبدأ فرويد من ملاحظاته على بعض الناس. وأود أن أسوق هنا بعض الأمثلة اعتباطاً ومن دون روية فقط: إن مشاهدة صور إباحية داعرة يمكن أن توقظ عند شخصا ما لذات وشهوات خفية؛ على أن الشخص المعني لا يعترف أمام نفسه بمثل هذا الاهتمام. بل إنه لمقتنع عن وعي وإدراك أن مثل هذه الصورة ضارة وأن من واجبه أن يعني ويهتم بألا تعرض في أي مكان. وعلى هذا النحو يستطيع أن يتفرغ أبداً للصور الداعرة. ويدخل ضمن حملته على هذه الصور أنه ينظر إليها ويتبع بذلك أحاسيسه ومشاعره. ثم إن ضميره في أثناء ذلك على أحسن ما يرام. فهول يس على معرفة وشعور بلذاته الحقيقية، بل إنه لعلى شعور بتبرير فقط يخفي ما لا يريد أن يعرفه.
وعلى هذا فهو قادر على أن يشبع لذاته دون أن يفطن إلى أن سلوكه يتعارض مع مبادئه الأخلاقية. وإن مثالاً آخر لهو أب ذو دوافع سادية ويميل إلى أن يعاقب أطفاله وينكل بهم. على أنه مقتنع أنه لا يضربهم إلا لأن هذا هو الإمكانية الوحيدة لأن يعلمهم الأدب وحسن السلوك وأن يحميهم من أن يقدموا على فعل الشر.