كان السوفسطائيون يدعون ان الطبيعة الانسانية متهورة ، وقد وضع المشرعون القوانين بغية قهر هذه الطبيعة ، فهى تتغير بتغير الظروف والعرف انها اذن نسبية ( ومن الحق الرجل القوى بالعصبية او بالمال او بالبأس او بالدهاء او بالجدل ان يستخف بها او ينسخها ويجرى مع هوى الطبيعة ) .
وقد اقام السوفسطائيون المعرفة ايضا على الاحساس ، وذهب زعيمهم بروتا جوراس الى القول بأن الفرد هو مقياس الاشياء جميعا ، وبذا تتعدد الحقائق بتعدد مدركيها وامتنع وجود حق او باطل فى ذاته .
ولئن كانت هذه النظرية فى المعرفة ، الا انهم مدوا اثرها الى مجال الاخلاق واصبحت القيم والمبادئ الخلقية – تبعا لذلك – نسبية تتغير كما قلنا بتغير الزمان والمكان . لقد اطاحوا ( بالحقائق الثابتة فى مجال المعرفة وابطلوا القول بالمبادئ المطلقة فى مجال الاخلاق ) .
ورأى سقراط لزاما عليه ان يهدم نظريتهم فى المعرفة اولا ، لانها اساس البناء الاخلاقى لهم ، فأقام الحقائق الثابتة على العقل فى ميدان المعرفة بعد فصله بين موضوع العقل وموضوع الحس ، واصبح يرى ان الانسان له عقل وجسم ، فان قوه عقله هى التى تسيطر على دوافع الحس ونزواته ، مثبتا انه ( اذا كانت قوانين الاخلاق تتعارض مع الجانب