التعددية الابداعية فى اعمال جمال بكرى 14 من 16
وكما في مبني الاهلية للتأمين حيث الفناء الداخلي المغطى الا من فتحات زجاجية علوية للاضاءة والمستمر بإرتفاع المبني، فيمثل بالتالي قلب المشروع ومركز ثقله وعنصره الرابط بين مختلف الادوار، كما يقدم القيمة الجمالية المفقودة في المباني المماثلة، حيث تتنوع مساحته من دور الي اخر وتتدرج بين الضيق والاتساع لتصنع بذلك التجويف الحيوي المتحرك المضاء طبيعيا الذي يحد من صرامة الفراغات الادارية المحيطة.
وبالإضافة لهذه الافكار الفراغية، جاءت مشاريع اخري تتبني نفس البعد التراثي ولكن معتمدة هنا علي استنباط نسب الفتحات التراثية وتجريد الزخارف واعادة توظيفها بتناول جديد يبتعد عن النقل والتقليد المباشر. مثال لذلك مسكن سلطان البهرة، حيث جاءت جميع نسب الفتحات والتفاصيل الخارجية والداخلية من اعمال اخشاب وعرائس السماء بالاضافة طبعا لتشكيل الفراغ، جائت مستنبطة بحرفية شديدة من العمارة الفاطمية ومجردة في آن واحد، مدللة في ذلك علي حس الفنان المرهف حتي عند التعامل مع الإقتباس المباشر من تفاصيل وزخارف.
” ان فرصة الابداع تزداد يوماً بعد يوم مع الالمام بكل المنجزات السابقة.. والتي اتاحتها ثورة المعلومات في كافة الانحاء… في متناول يد كل راغب في المعرفة وكل راهب فن، بينما زادت ايضاً فرصة التقليد لرخيص… يزكيها جهل العامة بالمصادر والجذور.
لكل عصر وبيئة وانسان بصمته، وسوف تبدو رغماً عن كل اصالة او افتعال.
فللعلم بصمته.. وللجهل.. وللفنان بصمته وللمدعي، وللبيئة المتحضرة بصمتها.. وللمتخلفة.. ولعصور الازدهار بصمتها.. وكذلك المنحطة”.
مشروع وقف الباشا في المملكة العربية السعودية يقدم ايضاً هذه الحساسية في الإقتباس، مبين ذلك في نسب واشكال الفتحات الخارجية والداخلية وتفاصيل المشربيات واعمال الخشب وكذا في التكسية من الرخام المشابه للحجر.