بل ان الافعال الانسانية تقصر الى تحقيق غاية اسمى من سعادة الفرد ، فاننا نعجب عادة من اهل الغيرية والاريحية ، وننفرد من اولئك الذين يبالغون فى القلق على سلامتهم .
كما كان رده حاسما على هويز صاحب التفسير الانانى فى مشاركة المصابين بالكوارث ، ففيما يتصل برايه الانسانى عن معنى الشفقه ، فقد اقر بطلر وجود النزاعات الغيرية مؤكدا اتفاقها مع نوازع الاثرة حيث جعل الشفقة تتميز بثلاث حالات عقلية وهى : شعور بالغبطة ناجم عن المقارنة بيننا وبين المصاب ، وقلق على انفسنا ، ثم تعاطف يختلف عن الشعورين السابقين وهو عنصر فريد فى التجربة الانسانية .
وهكذا نجده يوجه ضربات قاصمة لمذاهب اللذيين والانانيين جميعا حيث اكد وجود دوافع طبيعية نزيهه لا تهدف الا تحقيق لذه فرديه او منفعة شخصية ، ومثال ذلك من ينفق بعض ماله على المحتاجين يسعده ما انفقه عليهم اكثر مما يسعده ما انفقه على نفسه ، كما ان انتقام المرء لنفسه قد يضر احيانا بصاحبه كما يضر بالمجنى عليه ، وهنا نرى الاثره والايثار يتعانقان ويتشابكان ، مما يجعل من العسير رد الافعال الانسانية الى واحد منهما بعينه ( ويؤكد بطلر ان نمو الايثار فى نفوس الناس بحيث يتوخون عدمة غيرهم يسعد العالم الذى تشقيه الانانية ، وما يقال فى الافراد ينسحب على الشعوب ، فان كثيرا منها حين يلتمس سعادته وينشد رفاهيته يسئ الى جيرانه ويوقع الضرر بمصالحهم ، واذا صح هذا جاز القول بان السعادة والفضيلة كثيرا ما تلتقيان ) .