مدينة العطور
مدينة العطور هي مدينة غراس البحريّة، الواقعة في مقاطعة بروفانس جنوب فرنسا، وتبعد عن العاصمة باريس، حوالي ستمئةٍ وسبعةٍ وسبعين كيلومتراً جنوباً، وهي ليست مدينة العطور فحسب؛ بل يُطلِق البعض عليها، لقب عاصمة العطور في العالم؛ حيث تمتد فيها الأراضي المزروعة بالأزهار والورود الشهيرة؛ التي تُستخدم في صناعة العطور الفرنسية؛ منها زهرة اللافندر، والياسمين، وزهر البرتقال، ولا تُقطف الأزهار فقط، بل أحياناً الأوراق إلى جانبها، وتنقل إلى مصانع المدينة؛ لاستخلاص الزيوت العطرية منها؛ فهذه الأنواع من الزهور تُطلِقُ عبيراً مميّزاً.
العطور في مدينة غراس
تحتوي المدينة على أكبرِ متحفٍ ومصانع مختلفة للعطور في العالم، كما وتحمل العديد من مطاعمها أسماءً لماركات العطور الفرنسيّة الشهيرة. ومن الجدير ذكره؛ أنّ هناك أنواعاً من العطور، يبقى توزيعها وتسويقها حصريّاً داخل فرنسا، ومدينة غراس؛ حيثُ لا يتم تصديرها، أو تسويقها في الخارج؛ وبالتالي ازدادت أهميّة المدينة في مجال تصنيع العطور، ورفعت بذلك مجال التفرّد ليس بصناعتها العطور فقط؛ بل بطريقة تسويقها، وسياساتها الإنتاجيّة.
اقتصاد غراس مُعتمد على صناعة العطور
ينطبق المثل القائل:(رُب ضارةٍ نافعة) على فكرة إنتاج العطور في غراس؛ حيث كانت المدينة تشتهر بصناعة القفازات في العصور الوسطى؛ وفكر الدباغون في طريقة تعطير القفازات، من أجل تحسين روائحها؛ وحظيت المدينة بشهرةٍ واسعة في مجال إنتاج القفازات المُعطرة في حينه، إلى أن دخلت مدينة نيس المحاذية مجال المُنافسة؛ فتسببت بوقف هذ الصناعة المُبتكرة في غراس، إلى جانب أنّ حجم الضرائب المفروض على الدباغة في المدينة؛ أثقل كاهل الدباغين؛ ورغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بها، إلا أنّها أظهرت لأهلها فكرة إنتاج العطور مُنفردة؛ بدلاً من تعطير القفازات بعد صناعتها.
يعتمد اقتصاد المدينة بدرجةٍ أولى على صناعة العطور وتصديرها، حتى أنّ الجذب السياحي سببه بالمقام الأول، صناعة العطور في المدينة الصغيرة؛ وعدا عن ذلك يُشغّل قطاع العطور في غراس، حوالي ثلاثة آلاف وخمسمئة شخص؛ يعملون بشكلٍ مباشر في مجال تصنيع العطور، وحوالي عشرة آلاف آخرين؛ بطريقة غير مباشرة؛ وهم العاملون في مختلف الصناعات الفرعيّة المتصلة بالعطور.
يُذكر أنّ مدينة غراس وحدها؛ تُشكّل قرابة عشرة بالمئة من رقم المعاملات العالمي لصناعة العطور، فيما تُشكل خمسين بالمئة من رقم المعاملات الفرنسي.
السيّاح ومدينة العطور
يُسمح للسيّاح بزيارة المتحف العالمي للعطور في المدينة، ويتم شرح أنواع العطور المُختلفة لهم، حيث يستطيع الزائر الدخول إلى المصانع، وأقسام الشراء فيها، والتبضع من الأنواع المختلفة من العطور، أمّا بالنسبة لحقول الورود؛ فتنتشر الأراضي المزروعة بأصنافٍ عديدةٍ منها، في نواحٍ مختلفة من مدينة غراس، وتدخل تلك الورود ليس في صناعة، العطور في فرنسا وغراس فحسب؛ بل في صناعة العطور بدولٍ عديدة في العالم أيضاً، وهذه الحقولُ مفتوحةٌ أمام الزوار للتمتع بمنظرها الرائع، وروائحها الفوّاحة، ويُسمح لهم بحمل السلال في أيلول/سبتمبر لقطف الياسمين، أمّا باقي الورود فيُسمح لهم، بقطفٍ بعض منها، في شهر أيّار/ مايو.