تماما ، وانما يصور جزء وهو المقدمة – لب هذا العهد وجوهرة . وسائر الرسالة انما يقوم على تعريفات لبعض الفضائل وشرح لهم . ومن المعروف أن ابن سينا ومسكوية كانا متعاصرين ، وفى مثل تلك الظروف يعسر تقرير أيهما المحاكى والمقلد ، وأيهما الأصيل المبتدئ , وليس من المستبعد أن تكون حالة العصر ، وما تطلبته الظروف آنذاك عاملا هاما فى دفع أمثال هؤلاء الفلاسفة الى اعلان مثل هذا العهد ، خصوصا اذا تذكرنا أن الفلاسفة فى أغلب ظروفهم كانوا موضع اتهام ، على الأقل فيما يتصل بمطابقة أعمالهم لمعارفهم . وبناء عليه فربما كان مثل هذا العهد تأكيدا لتبرئة ساحة هؤلاء من أنهم يقولون مالايفعلون .

ومهما كان الأمر فان هذا العهد الذى سجله مسكويه هام من الناحية الأخلاقية ، لأنه تصوير دقيق لوجهة نظر هذا المفكر فى الرجل المثالى باعتبار أن الانسان يريد الخير لنفسه ، ويريد أن يكون أسعد الناس وأكثرهم رفعة وكرامة ، ولا علينا بعد ذلك أن نبحث عن الدوافع الحقيقية التى أملت مثل هذا العهد ، خصوصا اذا كان يعوزنا الدليل .

وعلى أية حال فان مسكوية قد انتقى من كل ماعلمه وما شهده ، أفضله وأرفعه ، غير عابئ بالمصدر الذى يختار منه ، مادامت لديه القوة البارعة فى الجمع والتوفيق والمزج وخلق الانسجام الكامل بين الأفكار مهما تباعدت ) .

وقد يشهد لافتراضنا الخاص بالظروف المعينة التى ربما تضمنت