المتحرك من أن يكون حياأوغير حي. فإن كان حيا، ادعي مدع أن حركته من ذاته لا من غيره، قلنا له : لو كان كذلك لكنا إذا نزعنا جزءا من أحزائه الشريفه ، بقيت حركه الحي وحركه الجزء المنتزع جميعا .
وليس الأمر كذلك ، بل هو بالضد .
فليس إذن جرم الحي هو المحرك له بل لغيره
وإن كان المتحرك غير حي ، فهو أما نبات أو جماد .
فإن كان نباتا لزم من حركته مايلزم من حركه الحى أيضا .
إن كان جمادا فإنه : أما أن يكون أحد الاستقصات أو أحد مركباتها .
فإن كان أحد الاستقصات لزم فيه : وأن كان حركته من ذاته ، لا يقف إذا بلغ موضعه الخاص به إذا اتتهي أليه .
وإن وقف فيه لزم أن يقف في غيره كما يقف الحيوان حيث يريد ، وليس الامر كذلك .
فليست حركه الاستقصات من ذاتها إذن .
فإن قال قائل : إن حركه الإستقصات إنما هي إلي المكان لطلبها المكان الذي يخصها ، لأنه هو المطلوب المتشوق، وذلك مطلوب متشوق،فهو المحرك لطالبه .
فمن هذه الجهة أيضاً محرك الإستقصات غيرها .
ويمكن أن نبني علي هذه الجهه أن الحيوان إنما يتحرك بالشهوه أو بالكراهه:أما بالشهوه فليدنو من المشتهي شوقاً،وأما بالكراهه فليبعد عن المكروه هرباً منه ( فهو ) متحرك من غيره .
ثم ننظر من هذا المحرك أيضاً : فإن ألزمه نوع من أنواع الحركه لزم فيه ما لزم في المتحرك الأول ، ولا يزال إلي أن ينتهي إلي محرك بنوع من أنواع الحركه .