مع انتهاء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي السابق كثرت الدراسات والأبحاث والكتب
لكبار المفكرين والكتاب والباحثين الأمريكان والغربيين حول التجربة اليابانية الحديثة (المعجزة اليابانية) مبدين في كثير من الأحايين تخوفهم من نجاح اليابان والفوز أخيراً بالزعامة القطبية العالمية، بعد انتهاء نظام القطبية الثنائية في بداية التسعينات من هذا القرن انتهاء الحرب الباردة وذلك لأن اليابان حققت في فترة هذه الحرب قفزات كبيرة في عالم ثورة التكنولوجيا والصناعة خصوصاً ، والاقتصاد عموماً ونافست بضائعها البضائع الأمريكية الأمر الذي دعاهم الكتاب للبحث في أسرار المعجزة اليابانية ليس للاستفادة والتعلم منها ، وإنما لوقف أو الحد من الاندفاعة اليابانية المعاصرة ، في هذا المقال سنتناول أسباب وعوامل نجاح التطور الياباني لتعريف القارئ الكريم بأهم تجربة نهضة عالمية حديثة يمكن الاستفادة منها وأخذ الدروس والعبر سيما وأن اليابان لا تنتمي إلى العالم الغربي وإنما دولة شرقية آسيوية لها تراثها ومميزاتها وخصائصها المختلفة عن أي دولة غربية .
أسباب نجاح تجربة التحديث اليابانية:
قبل أن نتناول أسباب النجاح الياباني لا بد من الإشارة إلى أن قوانين التقدم العامة تختزن في الممارسة العملية سمات إيجابية بحيث يصبح التقدم سمة المجتمع بأكمله في عملية حركية معقدة. كذلك قوانين التخلف التي تحول المجتمع في الممارسة العملية أيضاً إلى حلقات متشابكة معقدة يقع خلالها المجتمع بأسره في دائرة التخلف والتبعية التي يصعب الخروج منها إلا بكسر الحلقات الأساسية التي تسجن حركة المجتمع داخل التخلف .
وبالرغم من صعوبة معرفة أسباب نجاح تجربة التحديث اليابانية بسبب ما يحيطها من غموض إلا أنه يمكننا أن نحددها بالأسباب والمجالات التالية:
اعتماد مبدأ الكفاءة ، يتم اعتماد هذا المبدأ بشكل دقيق بحيث أن الياباني لا يشعر بوجود حواجز ماتقف أمامه أو تعرقل جهده الفعال للوصول إلى الغاية المرجوة ، وبالتالي هناك تشجيع مستمر لعمله .
الافتخار بالانتساب إلى الشركة أو المؤسسة ، وهذه سمة هامة في نظام العمل الياباني إذ يتحول العامل أو الموظف إلى جزء لا يتجزأ من الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها ، ويبقى العامل مستقراً في شركته طالما بقي على قيد الحياة ، حيث الرتبة والراتب لا يفارقانه طيلة عمله بالشركة ، ولا يوجد نظام النقل ، أي نقله من مؤسسة إلى أخرى كما هو الحال في معظم البلدان النامية.
التوازن بين المصلحة الخاصة ومصلحة الجماعة: يقوم نظام العمل الياباني بالدرجة الأولى على المصلحة العامة مع عدم الإضرار بالمصلحة الفردية الخاصة أي أن مصلحة الشركة هي المحددة لنظام العمل .