الشبكات الإجرامية
1 من أصل 2
من المهم معرفة أن أغلب الجرائم ليست أفعال أشخاص منفردين مدفوعين بقوة خفية ما، ولكنها نتائج تفاعلات اجتماعية. والجرائم نفسها جزء من عملية اجتماعية بين الجاني وضحية مباشرة أو غير مباشرة، وكثيراً ما تقع بين الجناة أثناء توزيع وبيع البضائع أو الخدمات المحظورة؛ وبذا يمكن أن توجد جذور الإجرام في أنماط تفاعل المجرمين مع الآخرين ومع شبكات الشركاء التي ينتمون إليها.
نظر بعض الإصلاحيين الفيكتوريين إلى هذه العمليات الاجتماعية على أنها نوع من العدوى؛ ومن ثم كان الحل هو فصل المجرمين بعضهم عن بعض. وضعت تصميمات للسجون مخططة بدقة تتوافق مع هذه النظرية؛ فتكونت السجون من زنازين منفصلة يشترط فيها على كل جانٍ المكوث وحده دون رفقة سوى الإنجيل، ولم تكن هناك أية إمكانية للاتصال بالجناة الآخرين، حتى في الكنيسة الصغيرة. ولهذه الفكرة آثار متبقية في بعض السجون اليوم؛ حيث غالباً ما تفرض رقابة مشددة على الوجود مع السجناء الآخرين، ويشار إلى ذلك باسم “المرافقة”. ويستخدم أيضاً “العزل” في منشآت طب نفسي كثيرة لأسباب مشابهة.
يندر أن يتشكك المرء في أن خبرة النضج في مجتمع من المجرمين تنبئ بقوة أن شخصاً سيصبح هو نفسه مجرماً، رغم أنه من غير الواضح ما يؤدي تحديداً إلى الإجرام في هذه الخبرة. هل الأمر ببساطة التعلم بالمحاكاة؟ أم هل يحدث شيء أكثر عمقاً يغير العمليات الانفعالية والمعرفية الفعلية لدرجة تجعل الشخص يرى العالم ويشعر به بشكل مختلف؟ أو ربما الأمر أن فرص شخص في الحياة محدودة وموجهة بسبب ارتباطاته الإجرامية، وربما حرم من الالتحاق بالمدارس والوظائف المرموقة؟