الهوية والغموض1من اصل2
تشير الهوية عمومًا إلى الطريقة التي يفكر بها المرء في نفسه وعنها وحولها، إنها هوية معقدة ومتعددة الأوجه، ولكننا نختار أن نركز على بعض جوانبها عندما نقرر الكتابة عن ذواتنا. ولذلك، فكل كاتب سيرة لديه بالضرورة عدة هويات أو عدة صيغ للهوية.
وفي (أشق البرقع… أرى) نجد أن هناك على الأقل أربع هويات متجاورة ومتقاطعة، تعمل بفاعلية في هذا العمل السري، وهي على النحو الآتي:
1- هدى (المؤلفة)، وهي شخصية حقيقية تعيش بيننا. ولهدى الحقيقية في هذه السيرة الذاتية صورتان أو مظهران: هدى القديمة التوفيقية إلى حد ما وهدى الجديدة الجريئة، ولعل هذا يتضح فيما قالته حول مشاركتها المثيرة في أمسية شعرية في مهرجان الجنادرية عام 2011، أقيمت في نادي جدة الأدبي، تقول: (..لكن هدى أخرى كانت تحرضني على إقصاء صورتي القديمة. صورتي الممحوة في الأصل، وتظهير صورة أخرى لا تجللها عباءة الخوف…)(24).
2- هدى (الساردة)، وهي الشخصية الرئيسة التي اختلقتها الكاتبة، وأعطتها اسم (شهر زاد)، وأوكلت إليها مهمة سرد قصة حياتها، أو على الأقل سرد الجزء الخاص بسيرتها الذاتية. تقول الكاتبة: (… فآثرت ألا أبوح وألا أكتب شجوني! إلا أنني أقنعت راويتي (شهر زادي الخائفة؟) بالكلام للخلاص من هيمنة بعض أشكال الرقابة على تفكيري وتحرير حبري المرتجف من أسرها)(25).
3- هدى (الممثلة للمرأة السعودية) التي تعبر عن معاناة النساء السعوديات ومظلومياتهن، وتدافع عن حقوقهن نيابة عنهن، تقول: (لست من كوكب آخر، أو جغرافيا متوهمة، لكني امرأة من المملكة العربية السعودية. امرأة، مثل آلاف النساء في هذه الأرض المقدسة)(26). فهنا تمتزج هوية هدى بهوية النساء السعوديات بشكل عام، وتبرز أحيانًا في صورة باحثة وناشطة تسعى كما تقول: (إلى الدفاع عن حقوق المرأة السعودية من خلال ما كتبت وشاركت في كثير من الدراسات)(27).