تيمات شعورية
1 من أصل 2
منذ أن قام أرسطو بتوصيف التراجيديا بأنها أحداث درامية تثير الخوف والشفقة، نشأت صلة متينة بين المشاعر والقصة. 31 ولأن الفيلم الروائي هو أكثر من مجرد سلسلة عشوائية من الصور المثيرة، فإن طاقته الشعورية لا تستند فقط إلى الإدراك البصري، بل تنهض على الخصائص الأساسية للقصة، لا سيما التيمة والشخصية.
فلْتُحاول إجراء التجربة التالية: تخيَّل مشهد القبو المثير للخوف من فيلم “صمت الحملان”، ثم اختَرْ أيَّ كادر منه وحوِّلْه إلى صورة ثابتة هل ستكون تلك الصورة مخيفة؟ تقديري هو أن كادرًا منتقًى بعناية يمكنه أن يثير بعض الاضطراب، لكنه لن يثير القَدْر نفسه من الاضطراب والخوف الذي يثيره المشهد نفسه ) وأظن أيضًا أن الصورة ستثير قدْرًا أكبر من الخوف لدى مَن شاهدوا الفيلم؛ بسبب وجود ارتباطات سابقة بين الصورة والقصة).
القصص تستثير المشاعر؛ تلك ملاحظة تجمع بين النظرية الشعورية والنظرية السردية والمخطَّطات المعرفية (البِنى الذهنية) التي يستخدمها الناس للإحاطة بأفعالهم وأفعال الآخرين، تُسمَّى ” سيناريوهات” 32 فنحن لدينا سيناريوهات لجميع ما نؤدِّيه أو نَشهَده من أفعال، من الرحلات إلى المتجر وحتى حفلات الزفاف ولأن الأحداث التي تجري وفق سيناريوهات لها دور هام في مساعدتنا في شقِّ طريقنا خلال اليوم، وتحقيق النجاح، والبقاء على قيد الحياة في نهاية المطاف، فإنها تحمل أصداءً شعورية تتيح لنا اتخاذ قرارات حَدْسية حول كل ما يحمل قيمة أو يعد مصدرًا للمخاطرة.
لا يقتصر استخدام السيناريوهات على فهم الأشخاص والأحداث فحسب، بل يمتد أيضًا إلى استيعاب الأحداث الروائية في الأفلام؛ وعندما تأتي تلك السيناريوهات في سياق أدبي أو سينمائي، فإنها تُسمَّى تيمات فعندما نشاهد فيلمًا ونلحظ تنويعات في أحداث رأيناها من قبلُ، فإن ثمة سيناريوهات معينة يتم استحضارها، وتجلب معها استجابة شعورية تلقائية.