مثال شهرزاد وشهريار الملك
8من اصل8
فهو أمام مواجهة هذا الغائب المجهول الذي يقلق ضمير كل متكلم، والمتمثل بالآخر الكبير- ماذا يريد منه- والجواب يأتي بشكل مرتد بأن وراء كل تساؤلاته تكمن معرفة لا يمكن بعد الآن أن يتجاهلها، ولا يمكن في آن واحد العودة إلى الوراء بعدما قرر السير في طريق المعرفة. والحقيقة تكمن في سر الأم- نقصانها- في الموضوع الذي يستقطب رغبتها والذي يتمظهر في الأفعى، وهو كما يبدو لنا في الأحلام وتتحدث عنه الأساطير بأنه نذير شؤم ينجم عن الخوف والشعور بالخطر، ماذا يخيف؟ سوى التقاطع الحاصل بين ما هو نقصان في الداخل ولقاء في الخارج. فالأفعى في الأحلام ليست إلا بمثابة القضيب الذي ينكر نقصانه عند الآخر كي يظهر متمثلًا أمامه، وعلى مرمى نظره. فنقصان النقصان، حسب نظرية لاكان، هو المولد الأساسي للخوف؛ فما يريده ليس الحصول على الموضوع إنما إثبات نقصانه. وخير دليل على ذلك هو حالة الهروب أمام الأفعى، أو الأفاعي، التي تظهر في الأحلام، لأنها تمثل ما هو طلبه؛ أما رغبته فتكمن في إظهار انفصالها، كونها قضيبًا لوجود ناقص، وبصورة خاصة عند الأم. هذا ما يواجه جودر في المرحلة الأخيرة، حيث تتراءى له الأم بشكل مغر، تراوده عن نفسه، فإما أن يتجسد بالفالوس الذي يتمم نقصانها، وإما أن لا يكون، وعندئذ تنحل الألغاز وتبدو الحقيقة مجردة أمام واقع حرمان الأم من الفالوس، الشيء الذي يخوله بلوغ اسم الأب، وما يعني ذلك من رموز تفتح أمامه آفاق المعرفة، والعلم، والثروة، والسلطة. ويبدو لنا أن اسم الأب متاخم لموقف الأم، فتكشف الحقيقة لحرمانها مشروطة بوجود الآخر وراءها. وبمجرد إصرار جودر على كشف حرمانها للقضيب، تتبدد الأوهام، وتصبح الأم، صنيعة هذا الهوام، دخانًا يتبخر، ولغز يتفكك، لكي يظهر الأب الميت يورث حق ملكية أسراره لمن تخطى هذه التجربة المريرة بنجاح.
هذا ما حققه جودر لحساب عبد الصمد المغربي ضمن هوام الخصاء كاجتياز لا بد منه لكل من طرق باب الكنوز وعرف فك الرموز.