ملء الفجوات
2من اصل2
وكانت نتيجة ذلك هي أن لدينا خلايا عصبية تعتم المستقبلات، ثم تتجمع معا في حزمة كبيرة تسمى العصب البصري، وهو الذي يمر عبر الشبكية، محدثا فجوة (حوالي 15 درجة بعيدا عن المركز) حيث لا توجد مستقبلات على الإطلاق. في هذا الجزء من العين نكون عميانا على نحو كامل. هل لاحظت ذلك من قبل؟ بالطبع لا، ولكي تتأكد من ذلك بنفسك، جرب الاختبار الموجود في الشكل 4- 2.
في الحياة العادية، إننا ببساطة لا نلاحظ البقعة العمياء الموجودة في كل عين من عينينا، ويرجع جزء من السبب في ذلك إلى أن لدينا عينين؛ ومن ثم فإن كلا منهما تغطي النقص الموجود في الأخرى، لكن حتى عندما نغطي إحدى العينين، فنحن لا نرى فجوة في رؤيتنا. لماذا هذا؟ إن نفس السؤال يتكرر؛ هل الدماغ يملأ الأشياء الناقصة حتى يسد هذه الفجوة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف هذا؟ هناك العديد من النقاشات الحامية حول هذه المسألة.
يرى دينيت أن الدماغ لا يحتاج إلى ملء الفجوات بالتفاصيل، ولا يفعل هذا؛ ويرجع ذلك إلى أن الرؤية ليست عملية بناء لنسخة على هيئة صورة للعالم حتى تنظر إليها ذات داخلية، لكنها أقرب إلى عمل تخمينات أو افتراضات حول ما يوجد هناك، وتحدث تلك العملية التصورية طوال الوقت. الآن ربما يمكنك رؤية العديد من الأشياء التي تعتم على أشياء أخرى؛ على سبيل المثال، كتاب يخفي جزءا من مكتب، سجادة تختفي خلف رجل طاولة، منظر جميل تخفيه سيارة. بالطبع، أنت لا ترى فجوة على هيئة سيارة في المنظر، ولست في حاجة إلى ملء الجزء الناقص بأشجار وشجيرات؛ فتجربتك البصرية تخبرك بأن هناك منظرا كاملا، حتى إن لم يكن باستطاعتك رؤيته كله.
يطلب مننا دينيت الآن تخيل أنفسنا ونحن نمشي في غرفة مغطاة بالكامل بورق حائط عليه بورتريها متطابقة لمارلين مونرو؛ إننا- بحسب قوله- سنرى خلال ثوان قليلة أن هناك مئات البورتريهات المتطابقة، وسنلاحظ بسرعة إن كان بأحدها قبعة أو شارب سخيف.