بين المديح والتملق

بين المديح والتملق

بين المديح والتملق

كثير من الناس لا يعرفون تمييزا دقيقا أو حدا فاصلا بين المديح والتملق، وربما رجع ذلك لأمرين: أولهما ضعف المستوى الثقافي لدى مجتمعاتنا وخلوها من إتيكيت المعاملة وآداب اللباقة واللياقة، وثانيهما لكثرة استخدام المديح في غير سياقه، والمبالغة فيه والإفراط منه -الأمر الذي يحوله من أداة فعالة لتوثيق العلاقات ورفع المعنويات إلى أداة مبتذلة اهترأت من فرط ما استخدمت. من هنا كان الخلط في أذهان الناس، ومن هنا كان انقسام الناس بين مفرط في مدحه وبين من لا يمدح إطلاقا، ولا يقع بينهما إلا قليلا. فعلى عكس المديح يكون التملق أو النفاق ضرب من توجيه المديح لشخص ما ولكن بعبارات لا تصف هذا الشخص بدقة، أو لا تصفه إطلاقا. وأحيانا يكون الوصف صحيحا ولكن مبالغ فيه جدا، ويستحيل المديح إلى تملق. ويكثر هذا النوع من المدح -والذي يسمى بالمدح المتملق- في القطاعات ذات التراتب الوظيفي الصارم؛ فيتملق الموظف مديره أو المرؤوس رئيسه، وذلك ابتغاء الوسيلة لديه للارتقاء إلى مراتب أعلى. كما أن هذا النوع من المدح المتملق ينتشر بين الناس العاديين الذين لا يرتفع بعضهم على بعض في سلم الوظيفة، ولكن ينتشر لأسباب أخرى من بينها أن يتم تبادل التملق بنظيره، فبعض الناس يحبون من يمتدحهم ولا يملكون إلى ذلك سبيلا إلا أن يمتدح صاحبه ويتملقه لا لشيء إلا ليمتدحه صاحبه هو الآخر، ولذلك يكون قد حقق لنفسه مرادها من التضخيم والتفخيم.

m2pack.biz