لا نزال متأثرين بقيم البداوة
فنحن لا نزال متأثرين بقيم البداوة. ومعنى هذا أنّنا بدو بلباس الحضر. والقيم البدوية ملائمة لحياة الصحراء. لكنّها لا تلائم حياة المدنية الجديدة. فالبدوي يحب السمعة الحسنة كثيراً. والسمعة لا تتأتى له إلاّ إذا كان نهاباً وهاباً: يغزو القبائل الأخرى ليرجع إلى قبيلته يوزع فيها ما غنم من غيرها. ومشكلتنا اليوم أنّنا نتشدق بأفكار الحضارة ثم نجري في حياتنا العملية على عادات البداوة. فنحن نريد أن ننهب من جانب لنتمشيخ من الجانب الآخر. إنّ المتمدنين يتكالبون كما نتكالب. ولكن تكالبهم يتجه في معظم أمره نحو ناحية الإنتاج الفكري أو المادي، إذ يريد أحدهم أن يبرهن أنّه أولى من غيره بالمكانة. أما نحن فنتكالب في سبيل “التمشيخ” ويود أحدنا أن يكون نهاباً وهاباً بدلاً من أن يكون منتجاً أو مبدعاً. ولهذا صار كثير منّا ينهبون المال لكي يقيموا به الولائم والحفلات أو يشيدوا به القصور التي تزيد عن حاجتهم عشرات المرات. وحين يفعلون ذلك يقدرهم الناس ولسان حالهم: جيب نقش وكل عوافي .
علي الوردي