جميلَ الحياة
أعرفُ للبحر في نفسي كلاماً .. فهو يوحي إليّ أنْ تجدّدْ؛ تجدّدْ في آمال قلبك كأمواجي لكيلا تملَّ فتيأس ! وَ تحرّكْ؛ تحرّكْ في نزعات نفسك كتيّاري لئلّا تركدَ فتفسد ! وَ توسَّعْ؛ توسّعْ في معاني حياتك كأعماقي لئلّا تمتلئَ فتتعكر ! وَ تبحرْ؛ تبحّرْ في جوّك الحرّ كرياحي لئلّا تسكنَ فتهْمد ! كنْ مثلي جبّارَ الحياة, مجتمعاً منْ أليَنِ اللّين وَ أعنفِ القوّة ! كنْ مثلي قدّيسَ الحياة, واسعَ الرّوح، نظيفَ المادّة, مُستعيناً لواحدةٍ بواحدة ! كنْ ممثلي جميلَ الحياة, ثابتاً على الرّقّة وَ الصّفاء وَ إنْ كانَ منْ وراءِ شاطئيْكَ الرّمال وَ الحجارة وَ طين الأرضِ وَ ناسُ الأرض ! كنْ مثلي “حرَّ الحياة”, مُحتفظاً بالسَّعةِ وَ الحركةِ وَ العمق ! كن ممثلي “إلهيَّ الحياة”, ليسَ بينك وَ بين السّماءِ شيءٌ يحجبك أوْ يحجبها, وَ على وجهكَ دائماً أنوارُ الشّمسِ وَ القمرِ وَ الكواكب ! كنْ مثلي “شابَّ الحياة”, فلنْ تهرَمَ أبدًا إذا ثَلِجتْ روحك بالرّضا فتبلّلَ شبابك بأندائها, فعمرك كلّه عُمرُ الفجر ..!
مصطفى صادق الرافعي