من الغرق إلى الأولمبياد فالشهرة: يسرا مارديني مراهقة سورية غيرت العالم
لم تكن السباحة السورية يسرا مارديني أن تصدق في الليلة التي خرجت فيها تحت جنح الظلام مع عائلتها في سوريا، قاصدة البحر أن مجلة people ستختارها ضمن الشخصيات النسائية اللواتي غيرن العالم هذا العام بعد أن ساعدت في سحب المركب الذي استقلته مع عائلتها ولاجئين سوريين آخرين إلى اليابسة وأنقذتهم من الموت.
هربت يسرا وشقيقتها العام الماضي من سوريا برفقة والديهما وثلاثون شخصًا إلى بيروت. كانت وجهتهم أوروبا وتحديدًا ألمانيا. رسم المهرب للنازحين السوريين هؤلاء خط سيرهم الذي يمر بالبحر، حيث يتعين عليهم ركوب قارب مطاطي لعبور البحر الأبيض المتوسط من مدينة أزمير التركية إلى اليونان.
وهكذا كان..
لم تجد يسرا وعائلتها بدًا من ركوب القارب المطاطي، حتى يصلوا إلى الطرف الأوروبي الآمن. هذا رغم كل خوفها من حوادث الغرق التي تعرض لها اللاجئون السوريون أثناء محاولات هروبهم إلى أوروبا، إلا أنها ركبت القارب المطاطي متسلحة بإيمانها وإلمامها الجيد بالسباحة التي تعلمتها في سوريا على يد والدها منذ سنواتها الثلاث الأولى.
كان سوء الطالع ينتظر يسرى، حيث تعطل القارب في وسط البحر وتسربت إليه المياه. تعالى صراخ الركاب خوفًا من الموت، فما كان من يسرا إلا أن قفزت وشقيقتها إلى المياه وتناوبتا خلال ثلاث ساعات ونصف الساعة على جر القارب إلى الشاطىء.
وصلت يسرا بمعجزة إلهية كما قالت إلى اليونان، لتكون بداية رحلتها الأوروبية بين السير على الأقدام وركوب القطار، وتقول يسرا عن هذه الرحلة: «لقد دُمر منزلنا في سوريا. لم نعد نملك أي شيء سوى أن نهرب بأرواحنا إلى أوروبا، حيث قطعنا رحلة طويلة من مقدونيا إلى صربيا فالمجر والنمسا. كانت تجربة قاسية، خصوصا أننا اضطررنا للاختباء ساعات في حقول الذرة على الحدود الصربية – المجرية، حتى لا تعتقلنا الشرطة كوننا لاجئين غير شرعيين. شاهدت هذه الأمور في الأفلام، لكني لم أتخيل يومًا أنني سأكون بطلة لأحدها!»
اعتقلت الشرطة المجرية يسرا وعائلتها في محطة القطار، حيث اصطحبوهم إلى مخيم لللاجئين السوريين، إلا أنهم هربوا بعد ثلاثة أيام إلى النمسا، حيث قدمت عائلتها طلب لجوء رسمي إلى الحكومة، ما سهل انتقالهم لاحقًا إلى مخيم اللاجئين السوريين في مدينة برلين الألمانية لتبدأ رحلة من نوع آخر.
أرادت يسرا الالتحاق بناد للسباحة، وهو ما وفره لها مترجم في المخيم، حيث تواصل مع النادي الألماني للسباحة، الذي بدأت تتدرب فيه عند الفجر قبل ذهابها إلى المدرسة، ما أهلها للمشاركة في الألعاب الأولمبية هذا العام ضمن سباقي ال100 متر فراشة وال100 متر سباحة حرة، خصوصًا أن اللجنة الأولمبية الدولية رشحت 43 منافسًا على اللائحة القصيرة لفريق اللاجئين الذي شارك تحت العلم الأولمبي، بمن فيهم كونغولي يعيش في البرازيل وإيراني يعيش في بلجيكا، في محاولة لتوجيه رسالة أمل إلى جميع اللاجئين حول العالم.