“سيني-خيمة”: عندما تصبح الخيمة قاعة للسينما..
يحاول شباب المناطق الداخلية في تونس، إيجاد سبل للارتقاء بالجانب الثقافي ودفع الشباب نحو الخلق والإبداع رغم الإمكانيات المادية البسيطة.
إذ تعيش هذه المناطق منذ عقود في ظل التهميش، حيث تفتقد لأبسط مقومات الحياة الثقافية وتغيب عنها المسارح ودور السينما والفضاءات المخصصة لمختلف الأنشطة القادرة على تنمية الوعي لديهم.
وقد سعى الشاب “بلال علوي”، 29 سنة، أصيل منطقة “ماجل بالعباس” بمحافظة القصرين، غربي البلاد، إلى العمل على تحويل خيمة إلى قاعة سينما يشاهد من خلالها أبناء الجهة عروضا متنوعة.
وأبدت الحاجة إلى السينما ، عدم اكتراث الشباب إلى درجات الحرارة المنخفضة، خلال سلسلة العروض التي انطلقت مساء الأحد الفارط.
الحق في السينما للجميع يقول علوي في حديث لمجلة “ميم” إن البادرة تمثل مجهودا ذاتيا خاليا من الدعم، يهدف من خلاله إلى تفعيل اللامركزية الثقافية، والمطالبة بالحق في الثقافة والسينما للجميع.
ويعود ذلك إلى افتقار المنطقة لمثل هذه الفضاءات، حيث أوضح علوي “نحن لا نملك أي قاعة للعرض، فجاءت فكرة السينما موبيل بالاعتماد على الخيمة التي ربّت أجيالا ولها رمزية لم الشمل”.
وتابع ” كما ترمز الخيمة للثقافة في بلادنا حيث كانت تسمى ب”بيت الشعر” التي تعكس الموروث الثقافي التونسي الذي أضحى مجرد صورة بروتوكولية اليوم”.
فكر علوي في الاستثمار في السينما المتجولة، حيث من المنتظر أن تنصب الخيمة في العديد من المناطق التونسية، وقد أكد محدثنا” سنزور مختلف المناطق، مهما ابتعدت المسافة وقسى الطقس لأن هناك تعطش كبير لالتهام الفعل الثقافي في المناطق المهمشة، ونحن نعيش في ظلّ حاجة ثقافية وهو ماشهدته ليلة الأحد أثناء العرض، الذي تواصل لساعة متأخرة من الليل ولاقى أصداء رائعة.
وعن نوعية الأفلام المعروضة قال “تم عرض فيلمين يندرجان ضمن الانتاجات الوثائقية ل”سيف الدين السعداوي وحسام الهرماسي”، وهما “زاوية” التي تتناول حكاية زاوية “سيدي احمد التليلي” الذي يعد علامة ورجل دين صالح في المدينة، و”زردة”.
“الزاوية” و”الزردة” أكد أحد مخرجي الفيلمين، سيف الدين السعداوي، 27 سنة في تصريح ل”ميم”، أن بادرة “سيني-خيمة”، طريقة متحضرة للتعبير عن افتقار المدينة لقاعة سينما وهي بادرة طيبة من شاب بعث برسالة هامة لشباب المنطقة ليواصلوا في هذا المسار”.
وبين سعادته بالمشاركة في التظاهرة خاصة أنه أصيل المدينة، ويقوم بتقديم المنتوج الذي أعده لأبناء جهته.
وعن أهمية الأفلام المقدمة يقول سيف” أصدر الفيلم الأول “الزاوية” منذ 2014 في إطار مسابقة، اشترط القائمون عليها أن ينتج كل مخرج فينا فيلما عن مدينته”.
وتابع “فكان فيلما وثائقيا حول الزاوية وهو عبارة عن مراوحة بين حاضرها وماضيها في مراوحة بين تاريخ تأسيسها ونشاطاتها الحالية”.
وعن الفيلم الثاني قال “الزردة هي ثاني انتاجاتي التي تعد حدثا شعبيا سنويا، وقمت بتصوير دورتها السنوية ال50 في اوت 2016”.
تخلل العرض نقاشا حول الفيلمين بين مختلف الحاضرين الذي يشكلون ثلاثة أجيال، حيث شوهد العرض من قبل الأطفال والشباب والكهول.
يضيف المخرج” رغم برودة الطقس، كان شعورا رائعا أن تناقش عملا فنيا قمت به مع مختلف هذه الشرائح العمرية في سياق جديد ومختلف، وسيكون توجهنا نحو تعميم التظاهرة في أكثر من مكان، وعرض الأفلام واضافة أفلام أخرى من كل مناطق”.
بادرة خلقت “صدمة إيجابية عبر “محمد الشعباني” أحد المواكبين لهذه التظاهرة عن سعادته ببادرة بلال علوي، وقال في تصريح ل”ميم”، “منطقتنا حدودية ومهمشة وهذه البادرة، بإمكانيات ذاتية، لا تستطيع الا أن تسعدنا وتخلق أجواء جديدة”.
وتابع “كانت بادرة طريفة وجديدة وهي بمثابة الوردة التي أخرجت الناس من الروتين اليومي، كما أحدثت صدمة ايجابية، لأنها قطعت مع الفكرة التقليدية لفيلم داخل قاعة سينما، وحولته إلى الشارع العام في خيمة يدخلها الجميع دون مقابل”.
وأوضح أن كل شخص في المنطقة ساند الفكرة، حتى بما اعتبره “صمتا إيجابيا”، دون تهكم من رؤية ثقافية قد يتم تجسيدها كمشروع قائم بذاته”.
وعن رأيه في الأفلام، بين الشعباني أنها جيدة ولمست مشاعر الناس نظرا لعامل القرب الذي اكتساها، في علاقة بالزاوية التي يقصدها الكثيرون من أهالي المنطقة أو الزردة التي يحضرها الجموع.
ورغم اعجابه بهذا الحدث، أوضح الشاب أن “الاشكال الأساسي يتمثل في استثمار الدولة لمئات الملايين من أجل نصب لشخص، فيما تغيب عن عمق الأرياف، وهو عامل يدفع أطفالنا للشعور بالغبن دون لعب أو مسابح..”.
ودعا في ذات السياق “الدولة مستقيلة من مهامها تجاه الثقافة إلى ضرورة العمل على توفير أبرز مقومات الحياة الثقافية في الجهات وإلى تشجيع المبادرات الفردية لأنها قادرة على تعميم الوعي”.
الوسوم
أفلام تونس سينما