إلى هناك حيث الغياب
كان في خيار القفز عليكَ، سَعةَ حياةٍ
كان فيه هزيمة لذلك الجزء الضعيف مني
وهذا في عرف الحياة انتصار.
إنْ كان للانعتاق ندوبٌ تتركها مقاومةُ الرباقِ على النّحور
فأنّها باتت إشارات توحي أنّ هنا حياة دبّت في إثر موَات
وأنّ كلّ ثِماركَ التي جفّتْ في شراييني
تحوّلت إلى بخورٍ
تنبعثُ من احتراقهِ لهفتُهُ لملء الدنيا عطراً.
والآن…
أكاد أسمع مع سَكَنَةِ أفولِكَ حتى حقول التوليب في هولندا
وهي تهمس لي غبطتها بانغراس قلبي في جمالها
كذا أسمع صَهْلةً قادمةً أتجاوز إليها وجودي ترقّباً
كأنَّ انسحابَ صخبكَ أعاد أحياءَ الأرض إليها من جديد.
بل اتّسعتْ بدونكَ الأشياءُ
بحجمِ ما كانت تخدعني ظنوني أنَّها ستضيق
فكان الجزءُ السّارُ من رحيلكَ
هو أنّكَ لم تعد هنا
وأنّ الشرقَ الذي كنتَ قطبَهُ
لم يلتصق بالغرب
كما كانت تحدّثُني نظريةُ الفراغ الكهرطيسي
الذي يمكنْ أنْ يُحْدثهُ رحيلُك.
غيابكَ الذي كان
يوم كنتَ هنا
الحدث الأسوأ والمُنذرُ دوماً بالعدم
بات الخسارة الأثمن في تاريخ العطايا التي تأتي على هيئة منع
أنا التي كنت أدور مع غيابكَ وجوداً وعدماً
فأكون في غيابكَ هناكَ
حيثُ أنتَ
معكَ بدوني،
وأكونُ هنا
حيثُ أنا
معي بدونكَ.
جمعتُ لنفسي شملها وتركتُ عنها وهن الدُّوَار
وركنتُ إلى جواري
أراني معي
لا يفصلني عني التصاقكَ بي.
وأنتَ هناك حيث الغياب
اقرأ مني عليكَ السلام
كواجب حيٍّ يمرّ على دارِ قومٍ سابقين.