العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك
لماذا نعتبر العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك قويةً ووطيدة؟ ولماذا يصبح الاستهلاك بدون الإنتاج أمرًا خطيرًا وتهديدًا على مصلحة الدولة؟ ذلك لأن العملية الإنتاجية بأكملها تبدأ بالإنتاج وتنتهي بالاستهلاك، أمرٌ بديهيٌ بسيط، لكن الفكرة تكمن في أنك بحاجةٍ لأن تنتج الأشياء التي تود أن تستهلكها لتعيش بلادك في حالة سلامٍ وأمنٍ واستقرارٍ اقتصادي، أو على أقل تقدير أنت بحاجةٍ لتنتج أشياءً مقابل الأشياء التي لا تنتجها فتستوردها وتستهلكها، الإنتاج عمليةٌ حيويةٌ مهمةٌ جدًا لأي دولةٍ وتكاد تكون واحدةً من أكبر عوامل تحديد تقدم الدولة من تخلفها جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى بالطبع، لأن الإنتاج قبل أن يكون سلعةً فهو فكرةٌ تتأصل في شعب تلك الدولة، تجعلهم يعتادون فكرة الأخذ والعطاء وتقديم مقابل غير هين أمام ما يأخذونه، فلو فرضنا أن الدولة قادرةٌ على أن تنتج الأشياء التي تستهلكها عندها تحقق الدولة اكتفاءً ذاتيًا بإنتاجها ذلك وتصبح مالكة أمر نفسها وليس لأحدٍ آخر القدرة على التحكم في حاجة تلك الدولة من تلك السلعة أو قطعها عنها أو ابتزازها وتهديدها به مثلًا، الخيار الآخر هو عجز الدولة عن إنتاج سلعةٍ تستهلكها لذلك فهي تستوردها من الخارج، لكن التوازن يتحقق عندما تقدم تلك الدولة في المقابل سلعةً يصعب تصنيعها في دولٍ أخرى ولا تستطيع تلك الدول تحقيق الاكتفاء الذاتي منها عندها تبرز تلك الدولة في إنتاجها، بذلك تتحقق المعادلة الاقتصادية السليمة فهي تنتج وتصدر وهي تستورد وتستهلك، لكن تخيل دولةً لا تنتج وتكتفي بالاستيراد والاستهلاك كيف ستصبح حالتها الاقتصادية! غير أن تلك الدولة تترك رقبتها تحت سيطرة الدول الأخرى التي تكون قادرةً بغمضة عين على قطع العلاقات والتوقف عن التصدير دون أن يضرها شيء وتكون الدولة المستهلكة هي الخاسرة.