3 من أصل 3
ونستطيع إلى حد ما أن نتسلط على أحلامنا ونحلم كما نريد، كما لو أخذنا قبيل النوم في الاستسلام للخواطر السارة: سياحة جميلة في البحر المتوسط أو النيل، أو التنزه على جبال الألب، أو السير بين الحقول على مجرى الماء والخراف ترعى شطوطه، أو الحديث إلى حبيبة جميلة، أو نكتة نذكرها ونضحك منها، أو ذكرى نجاحنا السابق، أو نحو ذلك، فإن هذه الخواطر تبقى إلى النوم، والنفس تخلط بها، ثم تستحيل إلى أحلام ننساق في سياقها السار.
وبالطبع إذا كانت هناك حوادث شاغلة مقلقة فإنها بلا شك تعود وتأخذ مكان هذه الأحلام السارة، ولكن من الحسن لمن يخشون الكابوس أن يستخطروا هذه الخواطر السارة قبل النوم، فإنها لن تضر إذا لم تمنعه.
ولكل إنسان أسلوبه في أحلامه، كما أن له أسلوبه في المشي أو الكتابة أو الكلام أو المعاملة، وكلاهما – أسلوب اليقظة وأسلوب الحلم – يتناسقان؛ لأنهما يهدفان إلى هدف واحد، وما دام للإنسان شخصية واحدة فإنه لن يتغير في أحلام نومه مما هو في تفكير يقظته، ونعني هنا بكلمة التغير أنه لن تكون له أهداف أخرى في حلمه غير أهدافه في يقظته، ولكنه يتغير في الوسيلة؛ إذ هو في اليقظة يعتمد على عقله، أو على شيء من العقل، أما في النوم فإنه يعتمد على العواطف التي تدفعها الرغبة أو الشهوة.
قلنا إن أسلوب اليقظة وأسلوب الحلم يتناسقان؛ وذلك لأن لكل إنسان شخصية متناسقة تسلك وتهدف من حيث ندري أو لا ندري إلى هدف أو أهداف معينة بأخلاق وعادات معينة، ومن هنا ما يحدث لكثير من الناس، وهو أن ما يجده أحدنا في حلمه قد يعود فيجد أنه وقع له في يقظته.