أدت عمليات الهندرة وإعادة الهيكلة إلى التخلص من الكثير من الوظائف، وهناك كثير من المنظمات التي شهدت تحولات كبيرة، ولكنها لم تشهد تغييراً في أساليب الإدارة، ولم تتحسن قدرتها على التعلم. ولم تتحقق هذه الثورة إلا في المنظمات الحديثة فقط مثل (سي إن إن) وميكروسوفت. نجحت شركة (سي إن إن) في تحقيق العالمية والانتشار دون الاعتماد على الإدارة التقليدية بعد أن قلب (تيد تيرنر) مبادئ العمل رأساً على عقب، واستطاع مد المشاهدين بالأخبار على مدار الساعة بأقل تكلفة ممكنة متخلصاً من وظيفة المنتج المنفذ، والطائرات الخاصة، والتوصيف الوظيفي كله. ولم يعد هناك شيء محدد بصورة رسمية إلا جدول البرنامج اليومي للشبكة والذي يمكن تغييره بسهولة وبساطة. وتتم الرقابة من خلال ثقافة الشبكة التي روج لها (تيرنر) والتي تهتم بالأخبار الحية والوصول إليها بأقل تكلفة، وليس عن طريق الإدارة.
اعتمدت الشبكة في نجاحها على ابتكار وظيفتين جديدتين تتطلبان تعدد المهارات، الأولى هي المراسل الصحفي المتكامل والذي يلعب دور الكاتب، والمراجع، والمخرج، والفني، والمقدم في نفس الوقت. والثانية هي وظيفة المنسق وهو مسئول عن اختيار القصص المناسبة ومناقشتها مع المراسل الصحفي، وللاثنين الحق في تحديد وقت الإذاعة. فأصبحت البساطة، والسرعة، والسهولة، وضغط التكاليف هي مصادر نجاح الشبكة.
أما ميكروسوفت فتعتبر مثلاً للمنظمات الكبيرة والمتميزة بالنشاط المتخصص المركز، والأداء السلس الرشيق والذي يدر عائداً وأرباحاً غير مسبوقة، ولها قيادة ساحرة تعرف دقائق عملها وخبايا الصناعة ولها علاقات حميمة بعملائها، وليس لها هيكل تنظيمي تقليدي بل تعتمد على التغيير المستمر لفرق العمل من مشروع لآخر. ولا يوجد بها مديرون تقليديون، فالذين لا يضيفون قيمة للعملاء لا يستمرون في الشركة.