4 من أصل 4
وكذلك اعتبر إيماءة اليد عند المصافحة، فهناك اليد التي تصافحها فتحس كأن صاحبها يقول: أنا خائف، فإنها مترهلة ميتة منسحبة، وهناك اليد التي يجذبها صاحبها منك كأنه يقول: أنا أكرهك، وهناك اليد التي تقبض عليك كأن صاحبها يقول: لا تظن أني ضعيف، أنا قوي، وهو إنما يعبر عن نقص خفي في نفسه، وهناك اليد الغروية التي تلصق ولا تريد أن تترك يدك؛ لأن صاحبها أناني اقتنائي لا يريد أن يترك ما كسب، بل يريد أن يستحوذ، أو اعتبر ذلك الذي يحس أنه يكاد ينزلق عندما يفكر في المرأة، فهو لذلك لا يتعب ولا يسأم من الكلام ضد المستحمين على الشواطئ.
ثم هناك فراسة أخرى في النقد الأدبي؛ فإن الكاتب الرجعي الذي يشيد بالتاريخ الماضي ويكتب على الأسلاف إنما يفعل ذلك هروبًا من مشكلات العصر الحاضر.
وهو لا يختلف في ذلك عن المراهق الذي يلجأ إلى الخمر.
وذلك الكاتب المتعصب الذي يكره من يختلفون عنه في الدين، قد يكنُّ حزازة شخصية ضد أحد المتدينين بهذا الدين الذي يكره.
ولعلك لا تنسى أن اختباراتنا الشخصية الصغيرة، وربما الدنيئة، قد تحدث لنا مركبات أدبية عظيمة.
ثم اذكر الكاتب السباب الذي يكنُّ نقصًا كأنه شوكة في نفسه، فهو لا ينقطع عن الإيذاء وتحري العيوب، كأنه من حيث لا يدري يريد أن يقول إنه هو على الرغم من عيبه أعلى من غيره.