2من اصل3
وبعيدا عن صعوبة تفسير ماذا يمكن أن يعني هذا التحول، يتركنا هذا مع نوع أغرب من تيار الوعي؛ لأنه يحتوي الآن على مزيج من الأشياء التي كنا واعين بها طوال الوقت وتلك التي نعيها فجأة على نحو استرجاعي.
هناك العديد من الأمثلة الأخرى التي تشير إلى نفس الأمر؛ ففي غرفة صاخبة مليئة بالأشخاص الذين يتحدث بعضهم مع بعض، ربما تحول انتباهك فجأة لأن شخصا خلفك قال: “خمن ماذا قال جيرمي أمس عن سو… إنها ….” فإنك ستستمع باهتمام بالغ؛ في تلك اللحظة، إنك تبدو على وعي بالجملة بالكامل وهي تقال، لكن هل هذا صحيح؟ إنك لن تلاحظها على الإطلاق إذا لم يذكر اسمك. السؤال الآن: هل تلك الجملة داخل تيار الوعي أم خارجه؟
في واقع الأمر، تنطبق تلك المشكلة على كل كلامنا؛ فأنت بحاجة إلى تجميع العديد
من المعلومات المتسلسلة قبل أن تصبح بداية الجملة قابلة للفهم. ما الذي يوجد في تيار الوعي إذن بينما يحدث كل هذا؟ هل كل هذا مجرد ضوضاء أو كلام غير مفهوم؟ وهل تحولت من مجرد ضوضاء لا معنى لها إلى كلمات في منتصف الطريق؟ لا يبدو أن الأمر كذلك؛ يبدو الأمر كما لو كنت قد سمعت جملة مفهومة أو استمعت إليها وهي تقال، ولكن هذا مستحيل. فكر في كلمة واحدة أو استمع إلى طائر صغير وهو يغني. فقط بمجرد أن تكتمل الأغنية أو تنتهي الكلمة، هل يمكنك أن تعرف ما هذا الذي سمعته؟ ماذا كان في تيار الوعي قبل تلك النقطة؟
هناك تجربة مبتكرة تسمى “الأرنب القافز” تبرز المشكلة في أوضح صورها. لإحداث هذا التأثير، يمد الشخص ذراعه وينظر إلى الاتجاه الآخر بينما ينقر القائم بالتجربة على ذراعه. في التجربة الأصلية، تم استخدام آلة للنقر، لكن يمكن إحداث نفس التأثير باستخدام نقرات منتجة بعناية باستخدام قلم رصاص مسنون؛ الأمر المهم هو أن تنقر على فترات متساوية بدقة وبضغط متساويين خمس مرات في الرسغ، وثلاث مرات بالقرب من المرفق، ومرتين بالقرب من الكتف.