الخصوص أن جلادا قال لوالد إنه سيضرب على كتفيه عنقي ولديه إذا لم يرجع عنمذهبه، فأجاب الوالد ملقيا نفسه على الأرض أنه لا يبالي بذلك، ثم تقدم ولده الكبير- وكان في الرابعة عشرة – طالبا بصفته أكبر الابنين أن يذبح قبل أخيه، وكان أحدأشياع الباب وهو معلق على سور تبريز لا ينطق إلا بهذه الكلمة وهي: إلهي، هل أنت راض عنّي؟”ومثل ذلك الاضطهاد الذي عاناه في هذه الأيام أنصار مذهب (السكوبسي) في روسيا، وأتباع مذهب (المورمون) في الولايات المتحدة، وقد فضل جميع هؤلاء العذابعلى الرجوع عن إيمانهم.تثبت هذه الحوادث وما شاكلها ما في الروح الدينية من قوة قادرة على تبديدالألم، وعلى قبر المشاعر التي يقوم عليها كيان الإنسان، فماذا يستطيع العقل أن يفعلأمامها؟
لا تحرك الجموع بالبراهين العقلية، وأما بالمعتقد فيمكن التغلب عليها على الدوام،والعقل، على ما فيه من سلطان يقدر أن يقاتل به الطبيعة، يعجز عن تكوين المعتقدات.وبفضل المعتقدات التي تخرب أحيانا وتبدع غالبا وتنتصر دائما تتأسس دولالتاريخ الرهيبة ودعائم الحضارات الصادقة، ولولا المعتقدات لما عاشت الأمم.