2من اصل3
الزنزانات التي يلزم عليهم البقاء فيها ما يقرب من أربع وعشرين ساعة يوميٍّا ويرفض الكثيرون منهم الخروج إلى الساحة في الساعات القليلة التي يُتاح لهم فيها ذلك أسبوعيٍّا، ويقضون من ثم مدة أطول في الزنزانات والتصميم الهندسي للمباني يحد من التواصل البشري فلا يمكن للسجناء رؤية زملائهم في الزنزانات المجاورة، ولا يمكنهم التحدث مع أي شخص سوى رفاقهم في الزنزانة، على أن يكون ذلك دون صياح والأسباب التي تدفع الضباط لزيارة الزنزانات قليلة، فيما عدا توصيل الطعام؛ ومن ثم يكون الرواق المواجه لأبواب الزنزانات خاليًا في أغلب الأوقات ويخلو المكان من الألوان على نحو مخيف في الأنحاء كافة، ليلًا ونهارًا.
يصف لي سجين أمريكي من أصول أفريقية، قضى عامين في وحدة الحبس الانفرادي بهذا السجن، تجربته في المكان قائلًا: أشعر أحيانًا بالقهر، وأصُاب بالارتعاد والعصبية والانفعال إلى أقصى حدٍّ ممكن في الواقع، أنا لا أسمع أصواتًا، لكنِّي أشعر فقط بأنني عاجز عن التنفس، وبأن الزنزانة تزداد ضيقًا. أفزع، وأشعر بالحصار، ويدق قلبي بقوة، وتتزايد هذه الأعراض بمرور الأيام أشعر أنني أختنق. وفي اليوم التالي، وقبل أن أدرك ما يحدث، أجد نفسي ألكم زميلي في الزنزانة إن وحدة الحبس الانفرادي هي التي تتسبب في تعصبي على هذا النحو لا يوجد شيء مثل هذا في السجون الأخرى فأنا هنا أشعر أنني في مربٍّى للكلاب، في عزلة عن الحياة نفسها أشعر أنني في تابوت أو قبر [يضع يده على قلبه]، لا توجد أية
علامات تدل على الحياة في هذا المكان. في السجون الأخرى، يمكنني أن أرى بعض صور الحياة من النافذة، لكن هنا لا توجد أية نوافذ وأثَّر ذلك فيَّ على مدار السنوات التي قضيتها هنا؛ وهذا ما يتسبب في حدوث المشكلات بيني وبين زميلي في الزنزانة، فلم أتعرض لمثل هذه المشكلات من قبل في حياتي.