بعد انتهاء مرحلة دور الاحتجاز الجبري، ظهر بديل آخر للمشفى العام، في نهاية عهد لويس الخامس عشر؛ ألا وهو مستودعات التسول. في سياق مجتمع ما زال يميل إلى الإقصاء – ربما حتى أكثر من مجتمع القرن السابع عشر – أصبح الخطاب حول المتشردين والمتسولين أشد عنفا وصرامة من أي وقت مضى: “إنهم قراصنة ينضمون إلى حلف الأصدقاء أو الأعداء، بحسب ما يرونه يشكل خطورة عليهم أكثر أو أقل […] إنهم دبابير، مجموعة من الزنابير القاسية التي لا تكتفي فقط بكونها عديمة النفع في الخلية، ولكنها تدمر أيضًا النظام القائم داخلها وسرعان ما تتلف إنتاجها من الشمع والعسل.” (1) يرى جان جاك روسو أن المتسولين خرقوا المعاهدة الاجتماعية (الخاصة بالعقد الاجتماعي). كما كان سكان المناطق الريفية يتعاملون بمنتهى الجدية والحزم مع هذه المسألة، معربين عن رفضهم أكثر من أي وقت مضى للمشردين الذين بدأ عددهم يتزايد أكثر فأكثر، وعن إدانتهم للمزارعين الذين استمروا في استقبال هؤلاء المشردين (2). لا إحسان من قبل النخبة، ولا إحسان من قبل الشعب. ولا حتى العمل الخيري المتضارب الذي قدمه المشفى العام في بداياته، والذي تكشف الدروس المستفادة منه عن فشل واضح، وعن ضرورة التمييز بصورة جلية من الآن فصاعدًا بين القمع والمساعدة. وهكذا نجد تفرقة جديدة تفرض نفسها: يجب ألا تستخدم الأماكن ذاتها، المخصصة للاحتجاز، للقمع وفي الوقت نفسه للمساعدة. وهذه المرة، لا مجال للسماح للمتسولين الأصحاء بالفرار.