“السوبيا” مشروب أهل الحجاز الأول في رمضان
يظل لشهر رمضان المبارك عادات وتقاليد لايمكن تبديلها أو تغييرها مع مرور الزمن، كما أن هناك أطباق ومشروبات ارتبطت به، تحمل في طياتها ذكريات الأباء والأجداد وطريقة إعدادهم لتلك الأطباق.
ومن المشروبات التي لايمكن الاستغناء عنها لدى الحجازيين، مشروب “السوبيا” الذي يعتبر من أساسيات المائدة الرمضانية، والذي انتشر من جمهورية مصر قديماً، إلى الحواري والأزقة المكية فتوارثوا صناعتها، ومن ثم إلى المناطق المجاورة لمكة المكرمة والمدينة المنورة حتى أصبح مشروبهم الأساسي برمضان.
ف بالتزامن مع الشهر المبارك، تبدأ بسطات السوبيا في الانتشار منذ وقت مبكر بمختلف الشوارع، لتتنافس على جذب أكبر عدد من الناس، وقليلاً ما تُصنع السوبيا في المنزل لصعوبة إعدادها، كما يقول محمد العيسى الذي اعتاد على بيعها منذ 8 سنوات، واصفاً إياها ب”احدى المشروبات الروحانية الضرورية في رمضان”.
وقال “لايحلو رمضان بدون “السوبيا” التي تتمتع بقيمة غذائية كبيرة تعوض الصائم جميع مايحتاجه من طاقة، ويحرص الصائمون على شرائها طيلة رمضان باكراً لوضعها في الثلاجة وتتناول باردة عند الفطور.
وأول من بدأ بفكرة تصنيع “السوبيا” في مكة المكرمة هو العم سعيد الخضري، قبل 60 عاماً حيث توارثها عن أجداده وأكمل مشوارهم من المنزل حيث كان يسكن في طلعة الحفائر بالقرب من المسجد الحرام، بمساعدة إحدى كريماته في الإعداد، وكان يبيعها على أهل حارته، ومع كثرة الزبائن قام بفتح محل خاص لبيعها.
ويبين محمد العيسى أن “السوبيا”، تصنع من الشعير الخام وأحياناً من الخبز الجاف أو الزبيب، لافتاً إلى أنها تُحضر على عدة مراحل، بدءً من تنقية الشعير من الشوائب وطحنه إلى درجة شبه ناعمة، ويوضع في إناء ويُصب عليه الماء ثم يُحرك، وتوضع الخميرة بكمية قليلة ويُغطى الإناء غطاءً محكماً ويوضع في مكان دافئ لمدة 24 ساعة، تم تُصفى ويوضع عليها الهيل والقرفة والقرنفل المطحون ثم يوضع السكر.
وبالرغم من أن إعداد “السوبيا” يحتاج إلى وقت، إلا أن الخالة أمينة تفضل صنعها في المنزل وقالت “اعتدت على صنع “السوبيا” في المنزل من بقايا الخبز، بعد بله ونقعه بالماء مع إضافة حبات الهيل ومن ثم تصفيته على مرحلتين الأولى من خلال المصفى، ثم تنقيته من خلال قماش الشاش الأبيض، ومن ثم أضيف السكر ومكعبات الثلج ويُصب في الكاسات”.
وتذكر الخالة أمينة أن “السوبيا” سابقاً بهدف حفظها من التلف كانت تحفظ داخل “زير” من الفخار مغطى بقطعة قماش، وعند تناولها تصب في إبريق مليئ بالثلج وتقلب قبل صبِها في كاسات، ولايمكن تخزينها كونها تفقد قيمتها الغذائية خلال يومين أو ثلاثة ايام”، وفي الوقت الحالي يتم صنع “السوبيا” بمواد مختلفة غير الزبيب أو الخبز الناشف، كما تصنعه هالة العناني التي تفضل صنعه بالشوفان، وأحياناً التمر الهندي.
وتشير الدراسات إلى أن للسوبيا قدرة على تخفيض نسبة الكوليسترول في الدم، حيث يعمل هذا النوع من الألياف على حجز أملاح الصفراء، ويفتقر النوع المعد من الشعير لنوع البروتين المسمى جليوتين، والذي يمكن أن يوجد في سوبيا الخبز الجاف، وكلا النوعين يحتويان على نسبة عالية من النشويات، ويزيد قيمتها الغذائية وجود السكر بها، كما يتميز الشعير بأنه مشروب مبرد مقبول، إلى جانب أن عملية تخمير السوبيا تعطيها نسبة جيدة من الحموضة بحامض اللاكتيك المرغوب كما أنه مفيد لحصوات الكلى والمرارة.