فوضى
الأخبار التي تطاردنا عبر المواقع والتطبيقات قبل الشاشات والصحف تولد ليموت معظمها في وقت قصير. تنتشر بسرعة رهيبة ثم تحلّ محلّها أخبار جديدة «مثيرة» بدورها. أكثر ما حمّسنا حين باشرنا العمل على إطلاق موقع إلكتروني، بالتوازي مع العمل على تجهيز عدد أسبوعي من المجلة، هو فرصة النشر المباشر لما يحدث الآن، وأيضاً فرصة تعديل الخبر أو تحديثه. يمكن أن نخلع الخوف من الخطأ في تفصيل مهما كان هامشياً. هذا الخوف ينبع من احترام عملنا، من سلطة الخبر المنشور، من فكرة عدم القدرة على التراجع أو محو ما طُبع وأصبح بين أيدينا وأيدي آلاف غيرنا. للخبر المطبوع رهبته، فهو يجعل الصحافي أكثر حرصاً على مصداقية عمله. لا بد من الاعتراف بأن سلاح المحو والتعديل غيّر قواعد العمل الإعلامي. هذا التطوّر في العمل الصحافي جعل البعض لا يتأكدون من مصادرهم، ويلهثون وراء أرقام القراءات أو المشاهدات على حساب الدقّة والصدق. فبعد حصد الأرقام والتعليقات والتفاعل يمكنهم بكل بساطة تعديل الخبر أو حذفه. هو تراجع إذاً وليس تطوراً. ويحدث على جميع المستويات، وفي معظم المواقع مهما كانت أسماؤها وعناوينها معروفة وعريقة. وهذا مشهد واحد من مشاهد تغيّر العمل الإعلامي بسبب تطوّر تكنولوجيا التواصل وضغط البقاء في الساحة الإعلامية. صناعة الإعلام تحتاج إلى مراجعة وإلى سَنّ قوانين جديدة لتنظيم العمل في الفضاء الرقمي.