الشَّهِيد
لَقَدْ أُعْطِيتَ فَصَاحَةً
تُخْجِلُ ثَغْرَ الْمَوْتِ
فَوَزِّعْ كُؤُوسَ مَعْسُولِ الأَنْهارِ الأُخْرَى
مِلْءَ ذَوَاتٍ عَطْشَى
إِذِ الرُّوَاءُ مُسْتَحِيلٌ مُسْتَحِيلٌ
وَألْبِسِ الْقَصِيدَةَ عُنْفُوانَهَا مَرَّتَينِ
أَنْتَ الْخَالِدُ
فِي أَغَانِي الحيَاةِ؛
الْمُقِيمُ فِينَا
بِنَكْهَةٍ لاَ تَنْتَمِي لِلْفَانِينَ..
بِرُوحِ وَرْدَةِ الْبَقَاءِ؛
تُعَلِّمُنَا طُقُوسَ الْقَبْضِ الطُّفُولِيِّ
عَلَى جَمْرَةِ قَضِيَةٍ أَضْنَتْنَا
الأَخُ خَانَهَا
قَبْلَ الْغُرَبَاءِ.
إلَى بُرْجِ الشّهَادَةِ
أَيُّهَا الْمُتَشَبّثُ بِمَوْتِهِ
خُذْ بِيَدَيْ
إنِّي عَاشِقٌ
تَسْبِقُهُ أَحْلاَمُ الْوَسَائِدِ؛
فِي جُعْبَتِي أُحْجِيَةٌ مُدْمِيَةٌ
ثَمَّةَ مَوْمِسُ، آهٍ
تَرْعَى لَيْلَنَا الأَشْيَبَ
فِيمَا تُعَرْبِدُ فِي عَسَسِ الْحُدُودِ
دَوْخَةُ الرَّاحِ.
كَمَا تَلْوِي، صَاحِ، عُنُقَ الْكَلِمَةِ
وَتّظَلّلُ مَوْتَكَ بِأَسْرَابِ الْمَعْنَى
وَتَخْتَزِلُ سِرَّ الوُجُودِ فِي سَطْرٍ
مِنْ حِكَايَةٍ أَزَلِيَةٍ
وَاشِيَةٍ
مِثْلَمَا عُصْفُورٌ مِنَ الفردوس
وَغَيْمَةٌ مِنْ رَحِيقٍ
تُبَلّلُ النَّسْلَ الْمُقَدَسَ وَمِنْهُ تَدَلَّتْ
فَاكِهَةُ الْحَيَاةِ.
سَوْفَ أُوقِدُ فِيَّ الْمُتَبَقِيَ مِنْ ثَلْجٍ
وَمُدُنَ الشّكِّ وَالرَّعَادِيدِ، أَهْدِمُهَا
لَسْتُ أَسْتَجْدِي
نَخْوَةَ الشُّرَفَاءِ مِنْ أَحَدٍ
فَشَغَفِي أَنْ أنْثُرَ ذَابِلَ وَرْدِي
عَلَى جَسَدِ حَبِيبَةٍ
لَمْ تَزَلْ تَنْثَالُهَا خُيُوطِ السُّمِّ،
أَقْصِدُ السّبْيَ المَشْفُوعَ بِتَقَاعُسِنَا…
لِحُسْنِ الْحَظِّ
لَسْتُ مُصَابًا بِعَمَى الأَلْوَانِ تُجَاهَ حَبِيبَةٍ
هِيَ أبَداً
قِبْلَةُ الْعُشَّاق.
شاعر من المغرب
احمد الشيخاوي