أنسي الحاج في مثل هذا اليوم (1937 -2014)… تحت حطب الغضب
ما عُدتُ أحتمل الأرض
فالأكبر من الأرض لا يحتملها.
ما عُدت أحتمل الأجيال
فالأعرف من الأجيال يضيق بها.
ما عُدت أحتمل الجالسين
فالجالسون دُفنوا.
ريشة صغيرة تهبط من عصفور
في اللّطيف الربيع
تَقْطع رأسي.
مُتعَب ومليء مُتعب وجميل مُتعب تحت حطب
الغضب.
لأنّي بلغتُ المُختار
لأنّ امرأة ربّتني على تُراب شفّاف
لأنّي عثرت على الحدود
فتحتُ الحدود.
لأنّي وجدتُها وألغيتُ الحدود.
لم يعد لي صبر على مَن ورائي
ولا على الأحبّاء السابقين.
عندما حصلتُ على الأكثر من أحلامي حصلتُ على
الأكثر من الصحراء
وبعدما صعدتُ العرش والشجر الخالية منه الدنيا
حواني شجرُ البَرْد
ولم أتحطّم لكنّي تعبت.
ولن يبكيني أحد
حقّاً
ولن يرتعشوا لغيابي
حقّاً كما كُنت حاضراً
ولن يستوحشوا مثل بُرج
ولن يموتوا عليَّ موتاً يُضاهي حياتي.
…
أخذتُ ما يُؤخذ وما لا يُؤخذ وتركتُ ما يُترك
وما لا يُترك
وإنّي خرَجْتُ
وامرأة باقية بعيدة
تُكلّمني تُلامسني
وكم أرغبها وكم أيضاً وراء الموت!
وإلى المُهتمّين:
أنا أعظم من عاش
لأنّي أعظمكم في الأُنس والمنفى
بل لأنّي أعظم كائن عاش
كالنسر في البَصَر كالحبر في العمى
عظيماً في الصيد وفي الغَفْلة
وشاهدتُ نجمتي فأخبرتُكم خُلاصتها
بسرعة النمر وبياض الحمام
حتّى تعبتُ وغضبت
لأنّي تجاوزت الفنون والعلوم
واختصرتُ ظاهر العقل وباطنه
وملكتُ العَصَب وبدّدتُه
وكسرت الصاروخ والروح
ثمّ اقترفت بكلامي ذنب التواضع
لأنّي فكّرت أنّه العالم يستحقّ التواضع.
ووقع كلامي في شلّال
وهو نادم غير نادم
لكنّه يُعلن لكم
كلامي يُعلن أنا الكلام
مُنذُ قليل ومُنذُ كثير
أنا الكلام وآخر الكلام
وأوّل ضرب على صدر الحياة
وسوف تفتح لكم الحياة
سوف تفتح الخزائن
سوف تفتح الحياة
ولن أكون بينكم
لأنّ ريشة صغيرة من عصفور
ستُكلّل رأسي
وشجرَ البَرْد سيحويني
وامرأة باقية بعيدة ستبكيني
وبُكاؤها كحياتي جميل.
(من ديوان “ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة”).