نسمة واحدة تكفي لإلقاء التحية على شجرة يائسة

نسمة واحدة تكفي لإلقاء التحية على شجرة يائسة

نسمة واحدة تكفي لإلقاء التحية على شجرة يائسة

(تحية إلى #حملة_دفى: مِن خيرك ساعدْ غيرك)
الحلول ليست دائماً حكومية.
وخصوصاً في غياب الخطط والسياسات الاجتماعية، القصيرة والمتوسطة، أو البعيدة المدى.
الحلول أحياناً هي حلول فردية، موقتة، لكنها تزيح قليلاً الهمّ عن القلب.
وخصوصاً – خصوصاً – عندما يتعلق الأمر بالمآسي التي يعانيها أهل الطبقة الفقيرة من اللبنانيين؛ هؤلاء الغفيرون جداً، الذين لا يفكّر فيهم أحد إلاّ في عشيات الانتخابات والاستحقاقات الكبرى. والسياسيون يفكرون فيهم آنذاك، ليس لأسبابٍ انسانية ووجدانية، إنما فقط من أجل الحصول على أصواتهم مقابل حفنة مهينة من الليرات أو الدولارات.
الحلول ليست دائماً حكومية، لكنها تكون أحياناً نبيلة، ك”الحلول” التي تقترحها “حملة دفى” للسنة الثالثة على التوالي، حيث كتابٌ واحدٌ، أو شالٌ صوفيّ واحد، أو شمسيةٌ واحدة، أو كنزة، أو سكربينة، من شأنها أن تبلسم جرحاً، وتمسح دمعةً حرّى.
لمَن لا يعير هذا الموضوع أيّ اهتمام، أقول له بقوة وبإلحاح، إن نسمة هواء واحدة تكفي أحياناً، لإلقاء التحية على شجرةٍ يائسة، أو على عصفورٍ شريد.
نعم، نسمةُ هواءٍ واحدة تكون كافية أحياناً، لمباشرة النهار الأليم بابتسامة، أو لقول صباح الخير للمتروكين إلى مصائرهم وأقدارهم الموجعة.
هكذا، من أجل أن يكون ثمة في لبنان، واحة رجاء، على مقربة، أو مبعدة، من مستنقعات السياسة النتنة، ومن ملاعب الكراهيات المتنامية، والاقتتالات الحاقدة.
واحة رجاء، لا أكثر.
كحيث تفوح رائحةُ يدٍ سموحة معطاء، لدى مرور الأطفال والنساء والشيوخ المعوزين في الشوارع المتهالكة، أو كحيث يفوح كَرَمُ نبعٍ متواضع، في الأزقة المتعطشة إلى نقطة ماء.
“حملة دفى” لا تطالب أحداً بالشفقة، ولا باستدرار عطف أحد.
“حملة دفى” تفعل رمزياً ما يجب أن تفعله المؤسسات الحكومية.
هي في هذا المعنى، “تؤنّب”، بطريقة غير مباشرة، المسؤولين وأصحاب الأموال الطائلة، وعاقدي الصفقات “المشروعة” أو “المشبوهة”.
هي تنخزهم ب”المسّاس”، وإن بأسلوبٍ ملطّف.
لكن، ما لنا ولهؤلاء!
المهم أن تنجح “حملة دفى”، هذه السنة، وأن تتخطى مستوى المساعدات التي قدّمها “الأوادم” في السنتين الفائتتين.
الهدف هذه السنة: مئة ألف مساعدة لمئة ألف عائلة محتاجة.
كيف تنجح هذه الحملة؟
كلّنا معنيون بإنجاحها. كلّنا بلا استثناء.
كلّ مَن يملك كتاباً أو قلماً أو دفتراً أو كومبيوتراً أو بنطلوناً أو قميصاً أو صباطاً أو كنزة أو لحافاً أو شرشفاً أو رغيف خبز، ليس عليه سوى أن يتصل ب”حملة دفى”.
زميلتنا بولا يعقوبيان تشرف على هذه الحملة التي تقام بالتعاون مع “بنك مصر لبنان”، وهي قد انطلقت قبل فترة لجمع المساعدات في المناطق اللبنانية تحت شعار “من خيرك ساعد غيرك”. وتستمر إلى يوم الأحد 26 تشرين الثاني، حيث تُفرز هذه المساعدات، وفي اليوم نفسه يحضر فريق عمل “حملة دفى” والمتطوعون إلى ساحة الشهداء للتسلم، وللعمل على تنظيم الأمور اللوجستية وتوزيع المساعدات والموجودات على الأراضي اللبنانية.
لا لون للحملة، ولا عرق، ولا دين، ولا طائفة، ولا مذهب، ولا منطقة، دون سواها.
الحملة تريد أن “تُدفئ” كلّ الذين ترتجف قلوبهم، ليس من البرد فحسب، بل بسبب الافتقار إلى الأخوّة – الأمومة – الأبوّة الانسانية، وخصوصاً… الحكومية!
كلّنا معنيون بالحملة.
ولا تنسوا أن نسمة هواء واحدة تكفي لإلقاء التحية ليس على شجرةٍ يائسة فحسب، بل على غابةٍ بكاملها!
akl.awit@annahar.com.lb

m2pack.biz